قالت: فاقتحمت! حديقة فإذا فيها نفر من المسلمين! وإذا فيهم عمر بن الخطاب، وفيهم رجل عليه تسبغة له يعني المغفر، فقال عمر: ما جاء بك لعمري إنك لجريئة، وما يؤمنك أن لا يكون تجوز! (أي قد نهرب ولا تستطيعين الهروب)!! قالت: فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت لي ساعتئذ فدخلت فيها! قالت: فرفع الرجل التسبغة عن وجهه فإذا طلحة بن عبيد الله، فقال: ويحك يا عمر إنك قد أكثرت منذ اليوم، وأين التجوز والفرار إلا إلى الله تعالى؟!
قالت ويرمي سعدا رجل من المشركين من قريش يقال له ابن العرقة بسهم له فقال له خذها وأنا ابن العرقة، فأصاب أكحله فقطعه، فدعا الله سعد فقال: اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة فيخرجوا من صياصيهم... الخ.).
وقد وثقه الهيثمي فقال: (قلت: في الصحيح بعضه رواه أحمد. وفيه محمد بن عمرو بن علقمة، وهو حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات). انتهى.
ومن الثابت تاريخيا أن مركز قيادة النبي صلى الله عليه وآله يوم الخندق كان في مكان مسجد الفتح الفعلي، وهو على رأس جبل صغير مقابل الخندق وأحد، على بعد نحو خمسة كيلو مترات عن المدينة، وكان المسلمون على جانبيه وخلفه. وبما أن جبل الفتح وحوله منطقة صخرية جرداء، فلا بد أن يكون البستان الذي ذكرته عائشة في جهة المدينة، بعيدا عن المعركة!
وقد كانت مهمة المسلمين في معركة الخندق حراسة المدينة من جهة الخندق بالدرجة الأولى، ومن الجهات الأخرى الوعرة بطبيعتها، ولم يذكر التاريخ أي محاولة من المشركين للدخول إلى المدينة، فلم يكن للمسلمين ولا للنبي صلى الله عليه وآله معركة شاغلة تستغرق وقتهم وحواسهم وتنسيهم ذكر ربهم، بل لا بد أن المسلمين كانوا أذكر لربهم من الأوقات الأخرى!