أقول: ومما يؤيد تفسيرهم عليهم السلام قوله تعالى: فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم، بأنهم آسفوا أولياءه، أن فعل (آسفونا) جاء بجمع المتكلم ولم يقل: آسفوني. فمعناه آسفوا أولياءنا، ونسب الفعل إلى نفسه لأن إغضابهم إغضاب له تعالى.
وروى الكليني في الكافي: 1 / 130، من حديث طويل: (عن صفوان بن يحيى قال: سألني أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا عليه السلام فأستأذنته فأذن لي، فدخل فسأله عن الحلال والحرام، ثم قال له: أفتقر أن الله محمول؟
فقال أبو الحسن: كل محمول للمفعول مضاف إلى غيره محتاج، والمحمول اسم نقص في اللفظ، والحامل فاعل وهو في اللفظ مدحة، وكذلك قول القائل: فوق وتحت وأعلى وأسفل، وقد قال الله: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، ولم يقل في كتبه إنه المحمول، بل قال إنه الحامل في البر وبالبحر والممسك السماوات والأرض أن تزولا، والمحمول ما سوى الله، ولم يسمع أحد آمن بالله وعظمته قط قال في دعائه: يا محمول!
قال أبو قرة: فتكذب بالرواية التي جاءت أن الله إذا غضب إنما يعرف غضبه أن الملائكة الذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم فيخرون سجدا، فإذا ذهب الغضب خف ورجعوا إلى مواقفهم؟
فقال أبو الحسن عليه السلام: أخبرني عن الله تبارك وتعالى منذ لعن إبليس إلى يومك هذا هو غضبان عليه فمتى رضي، وهو في صفتك لم يزل غضبانا عليه، وعلى أوليائه وعلى أتباعه! كيف تجتري أن تصف ربك بالتغير من حال إلى حال، وأنه يجري عليه ما يجري على المخلوقين؟! سبحانه وتعالى لم يزل مع الزائلين، ولم يتغير مع المتغيرين، ولم يتبدل مع المتبدلين، ومن دونه عبيده وتدبيره، وكلهم إليه محتاج وهو غني عمن سواه)! انتهى.
* *