فقال وهب: وما لي لا أغضب وقد غضب خالق الأحلام! إن الله تعالى يقول: فلما آسفونا انتقمنا منهم، يقول: أغضبونا). انتهى.
فقد فسر وهب بن منبه قوله تعالى: فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين. (الزخرف: 55) بأن الله تعالى يغضب كغضب البشر، قياسا على ثقافته اليهودية التي تزعم أن الله تعالى استولى عليه الطيش فغضب مرة على بني إسرائيل، وحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية!!
لكن أهل البيت عليهم السلام قالوا إن الله تعالى عن أن يغضب كغضبنا، وإن معنى (آسفونا) أغضبوا أولياءنا، ففي الكافي: 1 / 144: عن الإمام الصادق عليه السلام قال:
(إن الله عز وجل لا يأسف كأسفنا، ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون، وهم مخلوقون مربوبون، فجعل رضاهم رضا نفسه وسخطهم سخط نفسه، لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه، فلذلك صاروا كذلك، وليس أن ذلك يصل إلى خلقه، لكن هذا معنى ما قال من ذلك. وقد قال: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها، وقال: من يطع الرسول فقد أطاع الله. وقال: إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم، فكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك. لو كان يصل إلى الله الأسف والضجر وهو الذي خلقهما وأنشأهما، لجاز لقائل هذا أن يقول: إن الخالق يبيد يوما ما، لأنه إذا دخله الغضب والضجر دخله التغيير، وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة، ثم لم يعرف المكون من المكون ولا القادر من المقدور عليه، ولا الخالق من المخلوق!! تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا، بل هو الخالق للأشياء لا لحاجة، فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه، فافهم إن شاء الله تعالى). انتهى.