((ان أقوى تفنيد لهذا الوهم الفلسفي - أي وهم (كانت) وهيوم وغيره من المثاليين - ولكل وهم فلسفي آخر هو العمل والتجربة والصناعة بوجه خاص، فإذا استطعنا ان نبرهن على صحة فهمنا لظاهرة طبيعية ما بخلقنا هذه الظاهرة بأنفسنا وبأحداثنا لها بواسطة توفر شروطها نفسها. وفوق ذلك إذا استطعنا استخدامها في تحقيق أغراضنا كان في ذلك القضاء المبرم على مفهوم الشيء في ذاته العصي على الادراك الذي أتى به (كانت))) (1) هذه التصريحات تقرر بوضوح ان الفلسفة الماركسية لم ترض بالوقوف إلى صف السفسطة ومدارس الانكار أو الشك التي أعلنت إفلاسها في المضمار الفلسفي، لأن الصرح الذي تحاول بناءه يجب أن يرتفع على ركائز فلسفية قاطعة وقواعد فكرية جازمة، وما لم تكن الركائز يقينية لا يمكن أن يتماسك ويتركز البناء الفكري القائم عليها.
ونحاول الآن أن نعرف ما إذا كان من حق هذه الفلسفة أن تزعم لنفسها اليقين الفلسفي وتدعي امكان المعرفة الجازمة، بمعنى أن الفلسفة الماركسية التي تفكر. على طريقة ديالكتيكية، هل تستطيع أن تؤمن بمعرفة حقيقة للعالم وقوانينه وتتخلص من قبضة الشك أو السفسطة؟ وفي تعبير آخر هل المعرفة التي يصح للفيلسوف الماركسي أن يتبجح بها هي أعلى قيمة وأرفع شأنا من المعرفة في فلسفة (كانت)؟
أو لدى المثاليين أو الماديين النسبيين من فلاسفة مدارس الشك الذين نقدتهم الماركسية وهاجمتهم؟
ولأجل ان نعرف المشكلة ونتبين مدى امكان حلها على أساس الفلسفة الماركسية ووجهة نظر الفلسفة الاسلامية فيها، يجب أن نشير بصورة سريعة إلى أهم المذاهب الفلسفية التي عالجت هذه المشكلة، حتى يتحدد بجلاء