لارتفاع مستوى الخبرة التجريبية وتعميقها على مر الزمن، كان من الطبيعي لها ان ترفض كل مطلق فلسفي فوق العلم.
وقد نشأ هذا من خطأ الماركسية في نظرية المعرفة وإيمانها بالتجربة وحدها، وأما في ضوء المذهب العقلي والايمان بمعارف قبلية فالفلسفة ترتكز على قواعد أساسية ثابتة وهي تلك المعارف العقلية القبلية الثابتة بصورة مطلقة ومستقلة عن التجربة، ولأجل ذلك لا يكون من الحتم ان يتغير المحتوى الفلسفي باستمرار تبعا للاكتشافات التجريبية.
ونحن لا نعني بذلك انقطاع الصلة بين الفلسفة والعلم فان الترابط بينهما وثيق لأن العلم يقدم في بعض الأحايين الحقائق الخاصة إلى الفلسفة لتطبق عليها مبادئها المطلقة فتخرج بنتائج فلسفية جديدة (1).
كما أن الفلسفة تنجد الأسلوب التجريبي في العلوم بمبادئ وقواعد عقلية يستخدمها العالم في سبيل الارتقاء من التجارب المباشرة إلى قانون علمي عام (2). فالعلاقة بين الفلسفة والعلم قوية (3)، غير ان الفلسفة بالرغم من ذلك قد لا تحتاج في بعض