بالظروف الاجتماعية، والأحوال المادية الخارجية. فالماركسية تؤمن بان الحياة الاجتماعية للانسان، هي التي تحدد له مشاعره، وان هذه المشاعر أو الأفكار، تتطور تبعا لتطور الظروف الاجتماعية والمادية، ولما كانت هذه الظروف تتطور تبعا للعامل الاقتصادي، فالعامل الاقتصادي اذن هو العامل الرئيسي في التطور الفكري.
وقد حاول جورج بوليتزير ان يشيد هذه النظرية الماركسية، على قاعدة علمية، فأقامها على أساس الفعل المنعكس الشرطي. ولكي نفهم ذلك جيدا، يجب ان نقول كلمة عن الفعل المنعكس الشرطي، الذي اكتشفه (بافلوف) إذ حاول مرة أن يجمع لعاب الكلب، من احدى الغدد اللعابية، فأعد جهازا لذلك، وأعطى الحيوان طعاما لإثارة مجرى اللعاب، فلاحظ ان اللعاب بدأ يسيل من كلب متمرن، قبل ان يوضع الطعام في فمه بالفعل، لمجرد رؤية الطبق الذي فيه الطعام، أو الاحساس باقتراب الخادم الذي تعود احضاره. ومن الواضح ان رؤية الشخص، أو خطواته، لا يمكن اعتبارها منبها طبيعيا لهذه الاستجابة، كما ينبهها وضع الطعام في الفم، بل لابد ان تكون هذه الأشياء، قد ارتبطت بالاستجابة الطبيعية في مجرى التجربة الطويل، حتى استخدمت كعلامة مبدئية على المنبه الفعلي.
وعلى هذا يكون افراز اللعاب، عند وضع الطعام في الفم، فعلا منعكسا طبيعيا، يثيره منبه طبيعي. وأما افراز اللعاب عند اقتراب الخادم أو رؤيته، فهو فعل منعكس شرطي، أثير بسبب منبه مشروط، يستعمل كعلامة على المنبه الطبيعي، ولولا أشراطه بالمنبه الطبيعي، لما وجدت استجابة بسببه.
وبسبب عمليات اشراط كهذا، وجد أول نظام اشاري لدى الكائن الحي، تلعب فيه المنبهات المشروطة دورا. في الإشارة إلى المنبه الطبيعي، واستشارة الاستجابة التي يستحقها. وبعد ذلك وجد النظام الاشاري الثاني، الذي عوض فيه عن المنبهات الشرطية في النظام الأول، بإشارات ثانوية إلى تلك المنبهات الشرطية، التي أشرطت هذه الإشارات الثانوية بها، في تجارب