للعلاقة بين الروح والجسم بوصفها علاقة بين قائد وعربة يسوقها، فقد كان أفلاطون يتصور ان الروح جوهر قديم مجرد عن المادة يعيش في عالم وراء دنيا المادة ثم يهبط إلى البدن ليدبره كما يهبط السائق من منزله ويدخل العربة ليسوقها ويدبر أمرها. وواضح ان هذه الثنائية الصريحة والهوة الفاصلة بين الروح والجسم في تفسير أفلاطون لا تصلح لتفسير العلاقة الوثيقة بينهما التي تجعل كل انسان يشعر بأنه كيان موحد وليس شيئين من عالمين مستقلين التقيا على ميعاد.
وقد ظل التفسير الافلاطوني قاصرا عن حل المشكلة بالرغم من التعديلات التي أجريت على التفسير الافلاطوني من قبل أرسطو بادخال فكرة الصورة والمادة، ومن قبل ديكارت الذي جاء بنظرية الموازنة بين العقل والجسم القائلة بأن العقل والجسم - الروح والجسد - يسيران على خطين متوازيين وكل حادث يقع في أحدهما يصاحبه حادث يقابله يقع في الآخر، وهذا التلازم بين الاحداث العقلية والجسمية لا يعني ان أحدهما سبب للآخر إذ لا معنى للتأثير المتبادل بين شيء مادي وآخر غير مادي بل ان هذا التلازم بين النوعين من الاحداث مرده إلى العناية الإلهية التي شاءت ان يصاحب الاحساس بالجوع دائما حركة اليد لتناول الطعام دون ان يكون الاحساس سببا للحركة، ومن الواضح ان نظرية الموازنة هذه تعبير جديد عن ثنائية أفلاطون وهوته الفاصلة بين العقل والجسم.
وقد أدت المشاكل التي تنجم عن تفسير الانسان على أساس الروح والجسد معا إلى بلورة اتجاه حديث في التفكير الأوروبي إلى تفسير الانسان بعنصر واحد فنشأت المادية في علم النفس الفلسفي القائلة ان الانسان مجرد مادة وليس غير كما تولدت النزعة المثالية التي تجنح إلى تفسير الانسان كله تفسيرا روحيا.
وأخيرا وجد تفسير الانسان على أساس العنصرين الروحي والمادي تصميمه الأفضل على يد الفيلسوف الاسلامي صدر المتألهين الشيرازي فقد استكشف هذا الفيلسوف الكبير حركة جوهرية في صميم الطبيعة هي الرصيد