((على أن ثمة اكتشافات ثلاثة بوجه خاص، قد تقدمت بخطوات العمالقة بمعرفتنا، لترابط العمليات التطورية الطبيعية. أولا: اكتشاف الخلية، بصفتها الوحدة التي تنمو منها العضوية النباتية والحيوانية كلها، بطريق التكاثر والتمايز، بحيث لم نعرف بأن تطور سائر العضويات العليا ونحوها، يتتابعان وفق قانون عام فحسب، بل ان قدرة الخلية كذلك على التحول، تبين الطريق الذي تستطيع العضويات بمقتضاه، ان تغير أنواعها، فتجتاز بذلك تطورا أكثر من ان يكون فرديا. ثانيا: اكتشاف تحول الطاقة الذي يبين ان سائر القوى المؤثرة أولا في الطبيعة غير العضوية.. يبين لنا ان هذه القوى بمجموعها، هي ظواهر مختلفة للحركة الكلية، تمر كل منها إلى الأخرى بنسب كمية معينة.. وأخيرا البرهان الشامل، الذي كان (داروين) أول من جاء به، والذي ينص على أن جملة ما يحيط بنا في الوقت الحاضر من منتجات الطبيعة - بما في ذلك البشر - ان هي الا نتائج عملية طويلة من التطور)) (1) والواقع ان الاكتشاف الأول، هو من الكشوف العلمية التي انتصرت فيها الميتافيزيقا، لأنه برهن على أن مبدأ الحياة هو الخلية الحية (البروتوبلاسم)، فأزاح بذلك الوهم القائل بامكان قيام الحياة في أي مادة عضوية، تتوفر فيها عوامل مادية خاصة، ووضع حدا فاصلا بن الكائنات الحية وغيرها، نظرا إلى ان جرثومة الحياة الخاصة، وهي وحدها التي تحمل سرها العظيم. فاكتشاف الخلية الحية، في نفس الوقت الذي دلنا على أصل واحد للأجسام الحية. دلنا أيضا على مدى البون بين الكائن الحي وغيره.
وأما الاكتشاف الثاني، فهو الآخر أيضا يعد ظفرا عظيما للميتافيزيقا، لأنه