يثبت بطريقة علمية أن جميع الاشكال - التي تتخذها الطاقة، بما فيها الصفة المادية - هي صفات وخصائص عرضية. فتكون بحاجة إلى سبب خارجي، كما سنوضح ذلك في الجزء الرابع من هذه المسألة. أضف إلى ذلك ان الاكتشاف المذكور، يتعارض مع قوانين الديالكتيك.. لأنه يفترض للطاقة كمية محدودة ثابتة، لا تخضع للحركة الديالكتيكية، التي يزعم الجدل الماركسي صدقها على جميع جوانب الطبيعة وظواهرها. وإذا أثبت العلم استثناء جانب في الطبيعة من قوانين الديالكتيك، فقد زالت ضرورته وصفته القطعية.
وأما نظرية داروين عن تطور الأنواع، وخروج بعضها من بعض فهي لا تتفق أيضا مع قوانين الديالكتيك، ولا يمكن ان تتخذ سندا علميا للطريقة الديالكتيكية في تفسير الاحداث، فان داروين وبعض المساهمين معه في بناء النظرية وتعديلها يفسرون تطور نوع إلى نوع آخر على أساس ما يظفر به بعض افراد النوع القديم من ميزات وخصائص عن طريق صدفة ميكانيكية أو أسباب خارجية محددة، كالبيئة والمحيط وكل ميزة يحصل عليها الفرد تظل ثابتة فيه وتنتقل بالوراثة إلى أبنائه، وبذلك ينشأ جيل قوي بفضل هذه الميزات المكتسبة وفي خضم الصراع في سبيل القوت والبقاء بين الأقوياء من هذا الجيل وبين الضعاف من أفراد النوع الذين لم يظفروا بمثل تلك الميزات، يعمل قانون تنازع البقاء عمله فيفنى الضعيف ويبقى الافراد الأقوياء. وتتجمع المزايا عن طريق توريث كل جيل مزاياه التي حصل عليها بسبب ظروفه وبيئته التي عاشها للجيل الذي يتلوه، وهكذا حتى ينشأ نوع جديد يتمتع بمجموع المزايا التي اكتسبها أسلافه على مر الزمن.
ونحن نستطيع ان ندرك بوضوح مدى التناقض بين نظرية داروين هذه وبين الطريقة الديالكتيكية العامة.
فهناك الطابع الميكانيكي للنظرية يبدو بوضوح من خلال تفسير داروين لتطور الحيوان بأسباب خارجية، فالميزات والفروق الفردية التي يحصل عليها الجيل القوي من أفراد النوع ليست نتيجة لعملية تطورية ولا ثمرة لتناقض داخلي وانما هي وليدة مصادفة ميكانيكية أو عوامل خارجية من البيئة والمحيط،