فالظروف الموضوعية التي عاشها الافراد الأقوياء هي التي امدتهم بعناصر قوتهم وميزتهم عن الآخرين لا الصراع الداخلي في الأعماق كما يفترض الديالكتيك.
كما ان الميزة التي يحصل عليها الفرد بطريقة ميكانيكية - أي بأسباب خارجية من الظروف التي يعيشها - لا تتطور بحركة ديناميكية وتنمو بتناقض داخلي حتى تحول الحيوان إلى نوع جديد، وانما تظل ثابتة وتنتقل بالوراثة دون ان تتطور وتبقى بشكل تغير بسيط ساكن، ثم تضاف إلى الميزة السابقة ميزة أخرى تتولد هي الأخرى أيضا ميكانيكيا بسبب الظروف الموضوعية، فيحصل تغير بسيط آخر، وهكذا تتولد الميزات بطريقة ميكانيكية وتواصل وجودها في الأبناء عن طريق الوراثة وهي ساكنة ثابتة، وحين تتجمع يتكون منها أخيرا الشكل الأرقى للنوع الجديد.
وهناك أيضا فرق كبير بين قانون تنازع البقاء في نظرية داروين وفكرة الصراع بين الأضداد في الديالكتيك، فان فكرة الصراع بين الأضداد عند الديالكتيكين تعبر عن صراع بين ضدين يسفر في النهاية عن توحدهما في مركب أعلى وفقا لثالوث الأطروحة والطباق والتركيب.
ففي صراع الطبقات مثلا تشب المعركة بين الضدين في المحتوى الداخلي للمجتمع، وهما الطبقة الرأسمالية والطبقة العاملة، وينتهي الصراع بامتصاص الطبقة العاملة للطبقة الرأسمالية وتوحد الطبقتين معا في مجتمع لا طبقي، كل أفراده يملكون ويعملون، وأما تنازع البقاء والصراع بين القوي والضعيف في نظرية داروين فهو ليس صراعا ديالكتيكيا لأنه لا يسفر عن توحد الأضداد في مركب أرقى وانما يؤدي إلى افناء أحد الضدين والاحتفاظ بالآخر، فهو يزيل الضعاف من أفراد النوع إزالة نهائية ويبقى الأقوياء ولا ينتج مركبا جديدا يتوحد فيه الضعفاء والأقوياء، الضدان المتصارعان كما يفترض الديالكتيك في ثالوث الأطروحة والطباق والتركيب.
وإذا طرحنا فكرة تنازع البقاء أو قانون الانتخاب الطبيعي بوصفها تفسيرا لتطور الأنواع واستبدلناها بفكرة الصراع بين الحيوان والبيئة الذي يكيف