الجهاز العضوي، وفقا لشروط البيئة، وقلنا ان الصراع بين الحيوان والبيئة - بدلا عن الصراع بين القوي والضعيف - هو رصيد التطور كما قرره روجيه غارودي (1) أقول إذا طورنا النظرية وفسرنا تطور الأنواع في ضوء الصراع بين البيئة والمحيط، فسوف لن نصل إلى نتيجة ديالكتيكية أيضا لان الصراع بين البيئة والجهاز العضوي لا يسفر عن التحامهما وتوحدهما في مركب أرقى وانما تظل الأطروحة والطباق دون تركيب. فالضدان المتصارعان هنا - البيئة والمحيط - وان كانا موجودين معا في نهاية المعركة ولا يضمحل أحدهما خلال الصراع ولكنهما لا يتوحدان في مركب جديد كما تتوحد الطبقة الرأسمالية والطبقة العاملة في مركب اجتماعي جديد.
وأخيرا فأين الدفعية وأين التكامل في التطور البيولوجي عند داروين فان الديالكتيك يؤمن بأن التحولات الكيفية تحصل بصورة دفعية خلافا للتغيرات الكمية التي تنمو ببطء، كما انه يؤمن ان الحركة في اتجاه متكامل وصاعد دائما، ونظرية داروين أو فكرة التطور البيولوجي تبرهن على امكان العكس تماما، فقد بين علماء البيولوجيا بان في الطبيعة الحية حالات انتقال تدريجية، كما ان فيها حالات انتقال بشكل قفزات مفاجئة (2) كما ان التفاعل الذي يحدده داروين بين الكائن الحي والطبيعة ليس من الضروري فيه أن يضمن تكامل الكائن المتطور، بل قد يفقد بسبب ذلك شيئا مما كان قد حصل عليه من الكمال طبقا للقوانين التي يحددها في نظريته للتفاعل بين الحياة والطبيعة كالحيوانات التي اضطرت منذ أبعد الآماد إلى العيش في الكهوف وترك حياة النور ففقدت بصرها في رأي داروين بسبب تفاعلها بمحيطها الخاص وعدم استعمالها لعضو الابصار في مجالاتها المعيشية، وبذلك أدى التطور في التركيب العضوي إلى الانحطاط خلافا للماركسية التي تعتقد أن العمليات التطورية المترابطة في الطبيعة المنبثقة عن تناقضات داخلية تستهدف التكامل دائما لأنها عمليات تقدمية صاعدة