((ان الكون هو حركة للمادة، تخضع لقوانين. ولما لم تكن معرفتنا الا نتاجا أعلى للطبيعة، لا يسعها الا أن تعكس هذه القوانين)) (1) ((إذا تساءلنا ما هو الفكر؟ وما هو الوعي؟ ومن أين يأتيان؟، وجدنا ان الانسان هو نفسه نتاج للطبيعة، نما في بيئة، ومع نمو هذه البيئة. وعندئذ يصبح في غنى عن البيان، كيف ان منتوجات الذهن البشري، التي هي أيضا عند آخر تحليل منتوجات للطبيعة ليست في تناقض وانما في توافق مع سائر الطبيعة المترابطة؟)) (2).
والنقطة الأساسية التي يرتكز عليها هذا الاستدلال. هي الاخذ بالتفسير المادي البحت للادراك. الذي يفرض اشتراكه مع الطبيعة في جميع قوانينها ونواميسها. بما فيها قانون الحركة. وسوف نقوم بتحليل تلك النقطة الأساسية في جزء مستقل من هذه المسألة.
ولكنا نحاول ان نتساءل هنا من الماركسيين: هل التفسير المادي للفكر أو الادراك، يختص بأفكار الديالكتيكيين خاصة؟ أو يعم أفكار غيرهم ممن لا يؤمن بالديالكتيك أيضا؟ فان كان يعم الأفكار كافة - كما تحتمه الفلسفة المادية - وجب أن تخضع جميعا لقوانين التطور العام في المادة. ويبدو لأجل ذلك من التناقض الطريف. ان تتهم الماركسية الأفكار الأخرى بالجمود والقرار. وتعتبر فكرها وحده هو الفكر المتطور النامي. باعتباره جزءا من الطبيعة المتطورة. مع ان الأفكار البشرية جميعا في المفهوم المادي ليست الا نتاجا طبيعيا، وقصارى ما في الموضوع ان أصحاب المنطق العام أو الشكلي - كما يزعمون - لا يؤمنون بتطور الأفكار ديالكتيكيا، كما يؤمن الماركسيون. ولكن متى كان الايمان بقانون من قوانين الطبيعة، شرطا من شرائط وجوده؟ أليس جسم (باستور) المكتشف للميكروب. وجسم (ابن سينا)، الذي لم يكن يعرف عنه شيئا يشتركان معا في التفاعل مع تلك