في داخلها، فتتخذ في كل دور شكلا جديدا، وهي في تلك الاشكال جميعا حقيقة علمية متكاملة. فان هذا بعيد كل البعد عن الواقع العلمي للتفكير البشري. بل الشيء الذي يحدث في مجال التعديل العلمي، هو الظفر بحقائق جديدة تضاف إلى الحقيقة العلمية الثابتة، أو انكشاف خطأ النظرية السابقة، وصحة فكرة أخرى لتفسير الواقع.
فمن قبيل الأول: (الظفر بحقائق جديدة تضاف إلى الحقيقة العلمية الثابتة) ما وقع للنظرية الذرية (نظرية اتميسم) فإنها كانت فرضية، ثم صارت قانونا علميا بموجب التجارب، وبعد ذلك استطاعت الفيزياء، أن تتوصل على ضوء التجارب، إلى ان الذرة ليست هي الوحدة الأولية في المادة، بل هي تأتلف أيضا من اجزاء. وهكذا كملت النظرية الذرية بمفهوم علمي جديد، عن النواة والكهارب التي تتركب منها الذرة، فلم تنم الحقيقة وانما زادت الحقائق العلمية، والزيادة الكمية غير النمو الديالكتيكي والحركة الفلسفية في الحقيقة.
ومن قبيل الثاني: (انكشاف خطأ النظرية السابقة وصحة فكرة أخرى) ما حصل في قانون الجاذبية العامة، أي التفسير الميكانيكي الخاص للعالم في نظريات (نيوتن). فان هذا التفسير قد لوحظ عدم اتفاقه مع عدة من الظواهر الكهربائية والمغناطيسية، وعدم صلاحيته لتفسير كيفية صدور النور وانتشاره، إلى غير ذلك مما قام دليلا عند جملة من الفيزيائيين المتأخرين، على خطأ المفهوم (النيوتني) للعالم. وعلى هذا الأساس وضع (آنشتين) نظريته النسبية، التي صبها في تفسير رياضي للعالم، يختلف كل الاختلاف عن تفسير (نيوتن)، فهل يمكننا ان نقول ان نظرية (نيوتن)، ونظرية (آنشتين) في تفسير العالم، نظريتان حقيقيتان معا، وان الحقيقة تطورت ونمت، فأصبحت في قالب النظرية النسبية، بعد ان كانت في قالب الجاذبية العامة؟ وهل الزمان والمكان والثقل، هذا الثالوث الثابت المطلق في تفسير (نيوتن)، هو الحقيقة العلمية التي نمت وتحركت، طبقا لقانون التطور الديالكتيكي فتبدلت إلى نسبية في الزمان والمكان والثقل؟ أو هل القوة الجاذبية في نظرية (نيوتن) تطورت إلى انحناء في الفضاء، فأصبحت القوة الميكانيكية بالحركة خاصة هندسة للعالم