نظره بالأدلة الأربعة المشهورة عنه، التي لم يقدر لها النجاح والتوفيق في الميدان الفلسفي، لأن مدرسة أرسطو - وهي المدرسة الفلسفية الكبرى في العهد الإغريقي - آمنت بالحركة، وردت التي تلك الأدلة وزيفتها، وبرهنت على وجود الحركة والتطور في ظواهر الطبيعة وصفاتها. بمعنى ان الظاهرة الطبيعية قد لا توجد على التمام في لحظة، بل توجد على التدريج وتستنفذ امكاناتها شيئا فشيئا، وبذلك يحصل التطور ويوجد التكامل. فالماء حين تتضاعف حرارته، لا يعني ذلك انه في كل لحظة يستقبل حرارة بدرجة معينة، توجد على التمام ثم تفنى وتخلق من جديد حرارة أخرى بدرجة جديدة، بل محتوى تلك المضاعفة ان حرارة واحدة وجدت في الماء، ولكنها لم توجد على التمام، بمعنى انا لم تستنفذ في لحظتها الأولى كل طاقاتها وامكاناتها، ولذلك أخذت تستنفذ امكاناتها بالتدريج، وتترقى بعد ذلك وتتطور. وبالتعبير الفلسفي انها حركة مستمرة متصاعدة. ومن الواضح ان التكامل - أو الحركة التطورية - لا يمكن ان يفهم الا على هذا الأساس، واما تتابع ظواهر متعددة يوجد كل واحدة منها بعد الظاهرة السابقة، وتفسح المجال بفنائها لظاهرة جديدة، فليس هذا نموا وتكاملا، وبالتالي ليس حركة وانما هو لون من التغير العام.
فالحركة سير تدريجي للوجود، وتطور للشيء في الدرجات التي تتسع لها امكاناته. ولذلك حدد المفهوم الفلسفي للحركة بأنها خروج الشيء من القوة إلى الفعل تدريجيا (1).
ويتركز هذا التحديد على الفكرة التي قدمناها عن الحركة، فان الحركة - كما عرفنا - ليست عبارة عن فناء الشيء فناء مطلقا ووجود شيء آخر جديد، وانما هي تطور الشيء في درجات الوجود. فيجب اذن ان تحتوي كل حركة على وجود واحد مستمر. منذ تنطلق إلى ان تتوقف وهذا الوجود هو الذي يتحرك، بمعنى انه يتدرج ويثرى بصورة مستمرة، وكل درجة تعبر عن مرحلة من مراحل ذلك الوجود الواحد، وهذه المراحل انما توجد بالحركة فالشئ المتحرك أو الوجود المتطور لا يملكها قبل الحركة والا لما وجدت حركة. بل هو