نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ٢ - الصفحة ٢١٧
ومقتضى إمكانه أن يمكنا * إعدامه والسمع قاض بالفنا
____________________
«و» ذلك؛ لأن «مقتضى إمكانه» في مبدأ حدوثه هو «أن يمكنا» أيضا «إعدامه» في نهاية أمره، فإنه لو وجب بقاؤه غنيا عن مؤثر ممد له في ذلك صار بعد الإمكان واجبا، وهل هو إلا انقلاب محال، أو خلف واضح؟ كما أشرنا إليه.
وعليه، فالعقل حاكم بإمكان فنائه «و» كذا «السمع» المتواتر كتابا وسنة أيضا «قاض» فيه «بالفنا (1)».
وبذلك كله ينقدح لك اقتضاء العالم الحاضر بذاته وبنفسه الفناء والزوال وإن لم يعرضه أمر خارجي يؤثر فيه ذلك، وأن دعوى امتناع ذلك ممنوعة جدا، بل إنها في غاية البشاعة.
وكذا دعوى وجود المانع عن تأثير المقتضي المذكور أثره بعد الاعتراف بوجوده، فإنه لا مانع من ذلك سوى ما توهمه الفرقة الرابعة من أولئك الغواة القائلين بامتناع الفناء امتناعا غيريا بعد اعترافهم بإمكان الفناء ذاتا، وعدم استحالته فيه بما هو هو، فإنهم قالوا بامتناع ذلك فيه باعتبار امتناع فناء علته؛ زعما منهم أن علة وجوده هي وجود الباري تعالى بذاته العليا، مع التسالم من الكل على استحالة انفكاك المعلول عن علته، واستحالة الفناء في الذات المقدسة، وعندئذ فلا محيص بزعمهم عن القول بدوام العالم واستمراره على أثر دوام العلة واستمرارها.
وأنت خبير بفساد التوهم المذكور على ما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق، ومجمله: أن ذلك إنما يتم في العلل المضطرة المقهورة في تأثيرها من غير حصول اختيار لها في ذلك، نظير علية الماء للرطوبة، أو النار للحرارة، أو علية الشمس مثلا للإضاءة، وأمثالها، على تقدير تماميتها في العلية.
وأما بالإضافة إلى القادر المختار ولا سيما من أحاط علما بالمصالح والمفاسد

(1) على سبيل المثال ففي سورة الرحمن: 26 (كل من عليها فان).
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست