____________________
وليس لها بنفسها استمرار، ولا موجب للبقاء والدوام لولا إمدادها بما يبقيها.
وعليه، فالقائل بوجود النشأة الأخرى:
إما أن يقول بتطابقها مع هذه النشأة وتساويهما في طبائع النعيم والجحيم، تثبيتا للمشابهة المدعاة بينهما، وذلك مناف لدعوى استمرارهما في تلك النشأة، وملازم لتسليم فنائهما هناك أيضا على نحو ما في هذه النشأة، وذلك خلف واضح.
وإما أن يقول بانفكاك ما في تلك النشأة الآخرة من النعيم والجحيم عن لوازمه الذاتية، وهي البلى والفناء على ما عرفت، واستحالة ذلك بمكان من الوضوح.
وحينئذ فلا محيص عن إنكار وجود نشأة أخرى مستمرة باقية، بل لابد من دعوى استحالتها وإنكار إمكانها، فضلا عن وقوعها.
والجواب: وضوح فساد كل تلك التلفيقات من وجوه شتى:
أحدها: إمكان إنكار لزوم المشابهة بين النشأتين، وإمكان دعوى الاختلاف بينهما كما وكيفا وبقاء وفناء وطبيعة وذاتا وإن قصرت عقولنا عن إدراك ما هنالك من الحقائق والطبائع واللوازم والآثار.
وثانيها: ما أشرنا إليه آنفا بعد تسليم لزوم المشابهة بينهما، من عدم لزوم المشابهة التامة، وعدم اعتبار التساوي في جميع وجوه الشبه؛ لصحة التمثيل، بل إنما يكفي في صحة ذلك المماثلة في بعض الخواص الغالبة، ولا دليل على اعتبار الأكثر من ذلك.
وعليه، فلا مانع من القول بمغائرة طبيعة ما هنالك لطبائع ما هنا، واختلافهما في البقاء والفناء وفي بعض اللوازم والآثار، مع مشابهتهما في أمور أخر، فإن ذلك لا تقصر عنه قدرة القدير تعالى، ولا يعجز عنه القوي العزيز جل وعلا.
بل ربما يستفاد ذلك من بعض الأدلة السمعية والأحاديث الصحيحة المأثورة (1) من كون نار جهنم سوداء مظلمة، أو أنها ذات ريح منتنة، أو أن لها
وعليه، فالقائل بوجود النشأة الأخرى:
إما أن يقول بتطابقها مع هذه النشأة وتساويهما في طبائع النعيم والجحيم، تثبيتا للمشابهة المدعاة بينهما، وذلك مناف لدعوى استمرارهما في تلك النشأة، وملازم لتسليم فنائهما هناك أيضا على نحو ما في هذه النشأة، وذلك خلف واضح.
وإما أن يقول بانفكاك ما في تلك النشأة الآخرة من النعيم والجحيم عن لوازمه الذاتية، وهي البلى والفناء على ما عرفت، واستحالة ذلك بمكان من الوضوح.
وحينئذ فلا محيص عن إنكار وجود نشأة أخرى مستمرة باقية، بل لابد من دعوى استحالتها وإنكار إمكانها، فضلا عن وقوعها.
والجواب: وضوح فساد كل تلك التلفيقات من وجوه شتى:
أحدها: إمكان إنكار لزوم المشابهة بين النشأتين، وإمكان دعوى الاختلاف بينهما كما وكيفا وبقاء وفناء وطبيعة وذاتا وإن قصرت عقولنا عن إدراك ما هنالك من الحقائق والطبائع واللوازم والآثار.
وثانيها: ما أشرنا إليه آنفا بعد تسليم لزوم المشابهة بينهما، من عدم لزوم المشابهة التامة، وعدم اعتبار التساوي في جميع وجوه الشبه؛ لصحة التمثيل، بل إنما يكفي في صحة ذلك المماثلة في بعض الخواص الغالبة، ولا دليل على اعتبار الأكثر من ذلك.
وعليه، فلا مانع من القول بمغائرة طبيعة ما هنالك لطبائع ما هنا، واختلافهما في البقاء والفناء وفي بعض اللوازم والآثار، مع مشابهتهما في أمور أخر، فإن ذلك لا تقصر عنه قدرة القدير تعالى، ولا يعجز عنه القوي العزيز جل وعلا.
بل ربما يستفاد ذلك من بعض الأدلة السمعية والأحاديث الصحيحة المأثورة (1) من كون نار جهنم سوداء مظلمة، أو أنها ذات ريح منتنة، أو أن لها