____________________
الضلال المتسمين باسم الكرامية - ولا كرامة لهم (1) - وتبعهم الجاحظ من علماء القوم في قولهم بدوام هذا العالم، وذلك مع اعترافهم بحدوثه (2) خلافا للفرقة الثالثة المنحرفة القائلين بقدمه المردود عليهم مذهبهم الباطل وقولهم السقيم عقلا ونقلا وإجماعا من سائر الملل، من غير حاجة في إثبات فساده إلى مزيد بيان وتطويل كلام، ولذلك تبرأ منهم ومن مذهبهم كافة المذاهب والأديان حتى الفرقة المشار إليها المشاركة لها في الغي والضلال وفي دعوى استحالة انعدام النشأة الحاضرة، وقد صاروا إلى ذلك بسبب شبهة واهية رمتهم في هوة الزندقة والهلاك، مع موافقتهم لغيرهم في القول بحدوثها.
وتقرير ذلك على ما لفقوه: أنه بعد وضوح كون العالم الموجود جسما لا شبهة في أن كل جسم موجود إنما يقتضي بطبعه الذاتي البقاء والدوام، وأنه يحتاج فناؤه إلى من يؤثر فيه الفناء والزوال كما كان يحتاج في بدء وجوده إلى من يوجده تحقيقا لوصف إمكانه، وحينئذ فإمكان فنائه مترتب على إمكان وجود المفني له، وحيث إنه في المقام يستحيل وجود المفني فلا جرم يستحيل فيه الفناء.
بيان ذلك: أن المفني له بضرورة الحصر العقلي دائر بين الخالق تعالى والمخلوقين، فإن المتصور لا يخلو من أحدهما، وإن كلا منهما يستحيل تأثيره في ذلك، أما المخلوقين؛ فلوضوح قصورهم عن أقل من ذلك، مع عدم إرادة الخالق تعالى، وأما هو جل وعلا؛ فلما عرفت فيما تقدم من تصافق الكل على كون العدم بما هو هو شرا محضا، وأنه لا شيء ولا يعقل فيه وجود الخير، وعليه فبعد تسالم الكل على كون الباري تعالى خيرا محضا ومنبعا لكل خير وأنه سبحانه لا يصدر منه ما فيه أدنى رائحة من الشر والسوء، فلا يمكن إسناد العدم والفناء الممحض في
وتقرير ذلك على ما لفقوه: أنه بعد وضوح كون العالم الموجود جسما لا شبهة في أن كل جسم موجود إنما يقتضي بطبعه الذاتي البقاء والدوام، وأنه يحتاج فناؤه إلى من يؤثر فيه الفناء والزوال كما كان يحتاج في بدء وجوده إلى من يوجده تحقيقا لوصف إمكانه، وحينئذ فإمكان فنائه مترتب على إمكان وجود المفني له، وحيث إنه في المقام يستحيل وجود المفني فلا جرم يستحيل فيه الفناء.
بيان ذلك: أن المفني له بضرورة الحصر العقلي دائر بين الخالق تعالى والمخلوقين، فإن المتصور لا يخلو من أحدهما، وإن كلا منهما يستحيل تأثيره في ذلك، أما المخلوقين؛ فلوضوح قصورهم عن أقل من ذلك، مع عدم إرادة الخالق تعالى، وأما هو جل وعلا؛ فلما عرفت فيما تقدم من تصافق الكل على كون العدم بما هو هو شرا محضا، وأنه لا شيء ولا يعقل فيه وجود الخير، وعليه فبعد تسالم الكل على كون الباري تعالى خيرا محضا ومنبعا لكل خير وأنه سبحانه لا يصدر منه ما فيه أدنى رائحة من الشر والسوء، فلا يمكن إسناد العدم والفناء الممحض في