لا يقال كلمة " لن " تفيد التأبيد، بدليل قوله تعالى في حق أهل الكتاب " ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم " (1) مع انقطاع ذلك بقولهم في النار " يا مالك ليقض علينا ربك " (2).
لأنا نقول: إنه مجاز، بدليل سبق الذهن عند إطلاق هذه اللفظة إلى التأبيد دون عدمه، والمجاز وإن كان خلاف الأصل إلا أنه خير من الاشتراك، كما علم ذلك في أصول الفقه.
أما الخصم فربما فسر مراده بالرؤية أولا ثم استدل على ثبوتها في حقه ثانيا.
أما الأول فقال فخر الدين الرازي رحمه الله: مرادنا بأنه تعالى هل يصح أن يرى أنه هل يصح أن يحصل لنا حالة من المكاشفة يكون نسبتها إلى ذاته تعالى نسبة الأبصار والرؤية إلى هذه المرئيات أم لا. ثم نبه على تلك الحالة فقال: لا شك إنا إذا علمنا شيئا ثم رأيناه فإنا ندرك تفرقة بين الحالتين، فالحالة الحاصلة المفيدة للتفرقة غير عائدة إلى ارتسام الشبح في العين وإلا إلى خروج الشعاع منها، فهي عائدة إلى حالة أخرى نحن نسميها بالرؤية وندعي تعلقها بذات الله تعالى.
وأما الثاني فقد احتجوا بالمعقول والمنقول:
أما المعقول هو أن الجوهر والعرش اشتركا في صحة الرؤية، ولا بد لتلك الصحة من علة مشتركة، ولا مشترك بينهما إلا الوجود والحدوث، لكن الحدوث لا يصلح للعلية لأنه عبارة عن وجود حاصل وعدم سابق والعدم يمتنع أن يكون