والإنس إلا ليعبدون " (1) " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء " (2) الآية. وجه الاستدلال أن اللام هنا للغرض الداعي إلى الخلق والأمر بالعبادة وهو المعني بإرادة الطاعات.
ومنه ما يدل على كراهة المعصية كقوله تعالى " ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق " إلى قوله " كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها " (3) ونحوه.
احتج الخصم بالمعقول والمنقول:
وأما المعقول فوجهان:
(أحدهما) أنه تعالى خالق أفعال العباد بالقدرة والاختيار، وكل من فعل فعلا كذلك فهو مريد له.
(الثاني) أنه كلف أبا لهب بالإيمان مع علمه بامتناعه منه، والعالم بامتناع الشئ يستحيل أن يريده، فامتنع أن يريد الإيمان منه.
وأما المنقول: فقوله تعالى " ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها " (4) وقوله " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا " (5) وقوله " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا " (6) دلت هذه الآيات على عدم إرادته للهدى والإيمان وعلى إرادته للإضلال.
والجواب عن الأول: بمنع الصغرى، فإنا بينا أن العبد فاعل حقيقة، فلا