إليهم وقد لبس ملابس فاخرة بهيئة ذات أكمام واسعة وعمامة كبيرة وهيئة رائعة، فلما قرب وسلم عليهم قاموا تعظيما له واستقبلوه تكريما وبالغوا في ملاطفته ومطايبته واجتهدوا في تكريمه وتوقيره، وأجلسوه في صدر ذلك المجلس المشحون بالأفاضل المحققين والأكابر المدققين.
ولما شرعوا في المباحثة والمذاكرة تكلم معهم بكلمات عليلة لا وجه لها عقلا ولا شرعا، فقابلوا كلماته العليلة بالتحسين والتسليم والاذعان على وجه التعظيم، فلما حضرت مائدة الطعام بادروا معه بأنواع الأدب، فألقى الشيخ كمه في ذلك الطعام مستعتبا على أولئك الأعلام وقال " كلي يا كمي ". فلما شاهدوا تلك الحال العجيبة أخذوا في التعجب والاستغراب واستفسروه عن معنى هذا الخطاب.
فأجاب عطر الله مرقده: إنكم إنما أتيتم بهذه الأطعمة النفيسة لأجل أكمامي الواسعة لا للنفس القدسية اللامعة، وإلا فأنا صاحبكم بالأمس وما رأيت تكريما ولا تعظيما مع أني جئتكم بالأمس بهيئة الفقراء وسجية العلماء، واليوم جئتكم بلباس الجبارين وتكلمت بكلام الجاهلين، فقد رجحتم الجهالة على العلم والغنى على الفقر، وأنا صاحب الأبيات التي هي في أصالة المال وفرعية صفة الكمال التي أرسلتها إليكم وعرضتها عليكم، وقابلتموها بالتخطئة وزعمتم انعكاس القضية.
فاعترف الجماعة بالخطأ في تخطئتهم واعتذروا عما صدر منهم من التقصير في شأنه قدس سره.
وقد خلف كتبا جليلة مشحونة بالموضوعات العلمية الراقية والتحقيقات الدقيقة السامية، هي مثال رائع للجلد العلمي والصبر على البحث والتنقيب.
وإليك أسماء ما اطلعنا على اسمه من مؤلفاته: