نار الكمال. فكتب في جوابهم هذه الأبيات:
طلبت فنون العلم أبغي بها العلى فقصر بي عما سوت به القل تبين لي أن المحاسن كلها فروع وأن المال فيها هو الأصل فلما وصلت هذه الأبيات إليهم كتبوا إليه: أخطأت في ذلك خطأ ظاهرا، وحكمك بأصالة المال عجيب، بل اقلب تصب. فكتب في جوابهم هذه الأبيات وهي لبعض الشعراء المتقدمين:
قد قال قوم بغير علم ما المرء إلا بأكبريه فقلت قول امرئ حكيم ما المرء إلا بدرهميه من لم يكن درهم لديه لم تلتفت عرسه إليه ثم إنه - عطر الله مرقده - لما علم أن مجرد المراسلات والمكاتبات لا تنفع الغليل ولا تشفي العليل، توجه إلى العراق لزيارة الأئمة المعصومين عليهم السلام وإقامة الحجة على الطاعنين.
ثم إنه بعد الوصول إلى تلك المشاهد العلية لبس ثيابا خشنة عتيقة، وتزيا بهيئة رثة بالاطراح والاحتقار خليقة، ودخل بعض مدارس العراق المشحونة بالعلماء والحذاق فسلم عليهم، فرد بعضهم عليه السلام بالاستثقال والامتناع التام، فجلس في صف النعال ولم يلتفت إليه أحد منهم ولم يقضوا واجب حقه.
وفي أثناء المباحثة وقعت بينهم مسألة مشكلة دقيقة كلت فيها أفهامهم وزلت فيها أقدامهم، فأجاب بتسعة أجوبة في غاية الجودة والدقة، فقال له بعضهم بطريق السخرية والتهكم: أخالك طالب علم.
ثم بعد ذلك حضر الطعام فلم يؤاكلوه بل أفردوه بشئ قليل على حدة واجتمعوا هم على المائدة. فلما انقضى ذلك المجلس قام وعاد في اليوم الثاني