ولا ينفي الثاني لأن البقاء إذا كان أمرا يعلل به الوجود في الزمان الثاني لا يلزم أن يكون له بقاء آخر (و) الوجه (الثاني) ينفي المعنى (الثاني) دون الأول إذ لا يلزم من استمرار الوجود وكونه زائدا على الذات احتياج الذات في وجوده إلى البقاء الذي هو الاستمرار فلا يلزم الدور * الصفة (الثانية) القدم وأحاله الجمهور متفقين على أنه قديم بنفسه لا بقدم) وجودي (زائد) على ذاته (وأثبته ابن سعيد) من الأشاعرة (ودليله) على كونه صفة موجودة زائدة (ما مر في البقاء) وتصويره ههنا أن يقال القديم قد يطلق على المتقدم بالوجود إذا تطاول عليه الأمد ومنه قوله تعالى كالعرجون القديم والجسم لا يوصف بهذا القدم في أول زمان حدوثه بل بعده فقد تجدد له القدم بعد ما لم فيكون موجودا زائدا على الذات فكذا القدم الذي هو التقدم بلا نهاية لا بمجرد مدة متطاولة (بإبطاله) أي ما مر مع إبطاله فلا حاجة إلى إعادة شئ منهما وحمل ما مر على الوجهين السابقين مما لا وجه لصحته (و) الذي (يخصصه) أي يختص بإبطاله (أنه إن أراد به) أي بالقدم (أنه لا أول له فسلبي) فلا يتصور كونه وجوديا (أو أنه صفة لأجلها لا يختص) الباري سبحانه وتعالى (بحيز كما فسره) أي كما فسر كلام ابن سعيد بذلك (الشيخ أبو إسحاق الإسفرايني) فإنه قال معنى كلامه أنه تعالى مختص بمعنى لأجله ثبت وجوده لا في حيز كما أن المتحيز يختص بمعنى لأجله كان متحيزا ولا يخفى عليك أن هذا التفسير بعيد جدا عن دلالة زيادة القدم عليه (فكذلك) يكون القدم أمرا سلبيا إذ مرجعه حينئذ إلى وجوده لا في حيز فإن قلت هذا السلبي معلل بالقدم لا نفسه قلت إن الصفات السلبية لا تعلل بخلاف الثبوتية (أو غيرهما) فلا يكفي بل لا بد من بقائه لأنه علة وانعدام العلة يوجب انعدام المعلوم وحينئذ لا يبقى فرق بين معنى البقاء في أن الوجه الأول ينفي كليهما اللهم إلا أن يقال أن معنى الأمر الذي علل به الوجود يعم المعد ويجوز انعدام المعد لكن هذا مختص بالحوادث والأظهر أن مراده أن ذات البقاء أمر يعلل به وجود الذات ووجود نفسه في الزمان الثاني ولا يحتاج إلى بقاء آخر بهذا المعنى فتأمل (قوله كالعرجون القديم) العرجون عود العرق ما بين شماريخه إلى منبته من النخلة (قوله فكذا القدم الذي هو التقدم بلا نهاية) فيه منع للقطع بتغاير المفهومين ودليل الوجودية غير قائم لنوع أحدهما ولو سلم الاتحاد في النوع فوجودية فرد من نوع لا يستلزم وجودية فرد آخر (قوله مما لا وجه لصحته) لأنهما للنافين لا للمثبتين (قوله إذ مرجعه حينئذ إلى وجوده لا في حيز) في العبارة مساهلة والمقصود أن مرجعه انتفاء التحيز فلا يرد أن الوجود أوليس بسلبي (قوله قلت أن الصفات السلبية لا تعلل) أي لا تعلل بالوجودي فيكون هذا السلبي أو سلبي آخر نفس القدم لا معلوله فلا يرد تعليل عدم التحيز بالتجرد والحاجة
(١٠٩)