شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٩٣
؟ (يخلقها الله في غيره كاللوح المحفوظ أو جبريل أو النبي وهو حادث) كما ذهبت إليه الكرامية خلافا للحنابلة فهم أيضا صححوا القياس الثاني لكنهم قدحوا في صغرى القياس الأول وهي أن كلامه تعالى صفة له (وهذا) الذي قالته المعتزلة (لا ننكره) نحن بل نقول به ونسميه كلاما لفظيا ونعترف بحدوثه وعدم قيامه بذاته تعالى (لكنا نثبت أمرا وراء ذلك وهو المعنى القائم بالنفس) الذي يعبر عنه بالألفاظ ونقول هو الكلام حقيقة وهو قديم قائم بذاته تعالى فتمنع صغرى القياس الثاني (ونزعم أنه غير العبارات إذ قد تختلف العبارات
____________________
(قوله بل يخلقها الله تعالى في غيره) خالقهم الهذيل في نفس كن فإنه قال قوله تعالى للشئ كن عرض حادث لا في محل لأن المحل سابق على الحال ولو بالذات فلا يكون شئ من المحال أجساما كانت أو غيرها إلا بعد كن بدليل قوله تعالى إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون وهذا الاستدلال ضعيف لأن حقيقة قوله تعالى إنما قولنا لشئ الآية هو أن أوليس قولنا لشئ من الأشياء عند تكوينه إلا هذا القول وهو لا يقتضي ثبوت هذا القول لكل شئ حتى يلزم تقدمه على جميع المحال ألا ترى أنك إذا قلت ما قولي لأحد من الناس عند إرشاده إلا أن أقول له تعلم لم يدل على أنك تقول لكل أحد تعلم بل على أنك لو قلت في حقه شيئا لم يكن إلا هذا القول وبهذا التوجيه يندفع أيضا ما يقال من أن الآية تدل على قدم كلمة كن إذ لو كانت حادثة لكانت واقعة بكلمة كن أخرى سابقة لعموم لفظ شئ من حيث وقوعه في سياق النفي معنى ويتسلسل فإن قلت كلام العبد مخلوق له عند المعتزلة فلا يكون مخلوقا لله تعالى قلت ذكر الآمدي في أبكار الأفكار أن المعتزلة كافة اتفقوا على أن معنى كونه تعالى متكلما أنه خالق للكلام على وجه لا يعود منه إليه صفة حقيقية كما لا يعود من خلق الأجسام وغيرها فأما أن يستثني القرآن عن الكلية أي عن قولهم العبد خالق لجميع أفعاله الاختيارية أو ينفي كونه فعلا اختياريا له لكن كل منهما لا يخلو عن شائبة التخصيص من قواعدهم العقلية وقد يقال مذهبهم أن الله تعالى خلق كلامه أولا في العبد ثم لبعد خلق مثله تعالى شأنه عما يقولون (قوله كاللوح المحفوظ) اللوح المحفوظ عند جمهور أهل الشرع جسم فوق السماء السابعة كتب فيه ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة كما يكتب في الألواح المعهودة وليس هذا بمستحيل لأن الكائنات عندنا متناهية فلا يلزم عدم تناهى اللوح المذكور في المقدار وأما عند الفلاسفة فهو النفس الكلي للفلك الأعظم ترتسم فيه الكائنات ارتسام المعلوم في العالم إذا عرفت هذا ففي قوله يخلقها الله تعالى في غيره كاللوح المحفوظ تأمل لأن المخلوق وفيه هو النقوش لا الأصوات والحروف وإن حمل على حذف المضاف أي يخلق الله دوالها لم يتم التقريب كما لا يخفى وأيضا يلزم التكلف في قوله أو جبرائيل أو النبي عليه الصلاة والسلام لأن المخلوق فيهما نفس الأصوات والحروف (قوله يعبر عنه بالألفاظ) المتبادر منه هو أن الكلام النفسي هو المدلول الوضعي للألفاظ إلا أنه لا نزاع في أنه أنواع مختلفة وأكثرها معان حادثة فلذا قيل المراد بالتعبير عن المعنى النفسي بالألفاظ هو التعبير بالأثر فإن الصفة الأزلية لما تعلقت بمتعلقاتها حصل منها معان مخصوصة عبر عنها بالألفاظ والحق أن المفهوم من عامة كلماتهم هو أن النفسي مدلول اللفظي وإن كان لا يخلو عن إشكال (قوله ونزعم أنه غير العبارات) الأولى أن يقول ونقول لأن استعمال الزعم في الباطل غالبا ولذا قيل زعموا مطية الكذب (قوله إذ قد تختلف العبارات بالأزمنة والأمكنة الأقوام) أما الأول فلأن التعبير عن إرسال زيد مثلا قبل
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344