لا حقيقته إذ لا طلب فيهما أصلا كما لا إرادة قطعا (فإذن هو) أي المعنى النفسي الذي يعبر عنه بصيغة الخبر والأمر (صفة ثالثة) مغايرة للعلم والإرادة (قائمة بالنفس ثم نزعم أنه قديم بامتناع قيام الحوادث بذاته تعالى) قال المصنف (ولو قالت
المعتزلة إنه) أي المعنى النفسي الذي يغاير العبارات في الخبر والأمر هو (إرادة فعل يصير سببا لاعتقاد المخاطب علم المتكلم بما أخبر به أو) يصير سببا لاعتقاده (إرادته) أي إرادة المتكلم (لما مر به لم يكن بعيدا) لأن إرادة الفعل كذلك موجودة في لخبر ولأمر ومغايرة لما يدل عليها من الأمور المتغيرة والمختلفة وليس يتجه عليه أن الرجل قد يخبر بما لا يعلم أو يأمر بما لا يريد وحينئذ لا يثبت معنى نفسي يدل عليه بالعبارات مغايرة للإرادة كما تدعيه
الأشاعرة (لكني لم أجده في كلامهم) بل الموجود فيه أن مدلول العبارات في الخبر راجع إلى العلم القائم بالمتكلم في الأمر راجع إلى إرادة لمأمور به وفي
النهي إلى كراهة المنهي عنه فلا يثبت كلام نفسي مغاير لباقي الصفات وقد مر ما فيه (إذا
عرفت هذا) الذي قررناه لك (فاعلم أن ما تقول
المعتزلة) في كلام الله تعالى (وهو خلق الأصوات والحروف) الدالة على المعاني المقصودة (وكونها حادثة قائمة) بغير ذاته تعالى (فنحن نقول به ولا نزاع بيننا وبينهم في ذلك) كما مر آنفا (وما نقوله) نحن ونثبته (من كلام النفس) المغاير لسائر الصفات (فهم ينكرون ثبوته ولو سلموه لم ينفوا قدمه) الذي ندعيه في كلامه تعالى (فصار محل النزاع) بيننا وبينهم (نفي لمعنى) النفسي (وإثباته فإذن الأدلة الدالة على حدوث لألفاظ إنما تقيدهم بالنسبة إلى
الحنابلة) ____________________
بالإيمان ولم يرد منه الإيمان أما الأول فلأنه وعده الثواب بالإيمان وأوعده العقاب بتركه وأما الثاني فلما ثبت بالدليل أن الإرادة هي الصفة المخصصة لأحد المقدورين بالوقوع فلو أراد إيمانه لوقع (قوله هو إرادة فعل الخ) قيل هذا توجيه ركيك لأن الكلام النفسي ما يعبر عنه بالعبارات والألفاظ إنما يعبر بها عن معانيها الوضعية ومن البين أن الإرادة المذكورة ليست مدلولا وضعيا لصيغة الأمر وإذا كان التعبير باللفظي عن النفسي تعبير بالأثر عن المؤثر كما قيل يظهر اندفاعه فتأمل (قوله وليس يتجه عليه الخ) فإن قلت يرد عليه أنه وإن لم يتجه عليه ذلك لكن يتجه عليه أن الأمر قد يوجد في صورة لا يوجد فيها إرادة فعل يصير سببا لاعتقاد المخاطب إرادة المتكلم لما أمر به كما إذا قال المتكلم لرجل أنا آمرك عند فلان بالأمر الفلاني لكن لا أريد منك الإتيان به وإنما آمرك لأجله ثم يقول له بمحضره افعل كذا لا يقال أوليس هناك حقيقة الأمر لأنا نقول فكذلك في الصورة التي ذكرت فيما سبق فلا ترجيح لأحد القولين على الآخر قلت المراد من الفعل في صورة الأمر الإتيان بالجملة الأمرية وبكونه سببا لما ذكر كونه سببا له مع قطع النظر عن القرائن الخارجية فتأمل (قوله راجع إلى العلم القائم بالمتكلم الخ) فإن قلت هذا تصريح بإثبات العلم الزائد فكيف تقول به المعتزلة النافون له قلت بعد تسليم أن الكلام في خصوصية الواجب