نفسه) مع عدم التغاير بالذات (لا يقال ذلك) أي علمنا بذواتنا جائز (لتركيب في أنفسنا بوجه من الوجوه) أي سواء كان تركيبا خارجيا أو ذهنيا (وكلامنا في الواحد الحقيقي) الذي لا تكثر فيه أصلا فلو كان عالما بذاته لزم تحقق النسبة بين الشئ ونفسه قطعا بخلاف المركب إذ فيه كثرة يمكن أن يتصور بينها نسبة فلا يتجه النقض به (لأنا نقول أحدنا) على تقدير علمه بنفسه (لو كان له نسبة إلى كل جزئية فقد حصل المطلوب) إذ قد تحقق النسبة بينه وبين جميع أجزائه وهو عينه (وإلا فلا يعلم إلا أحد جزئية فيكون العالم غير المعلوم) لأن الجزء غير الكل (فلا يعلم نفسه) والمفروض خلافه فإن قلت من أين ثبت التغاير الاعتباري المصحح للنسبة قلت من حيث إن ذات الشئ باعتبار صلاحيتها للمعلومية في الجملة مغايرة لها باعتبار صلاحيتها للعالمية في الجملة وهذا القدر من التغاير يكفينا (الثانية) من تلك الفرق (من قال) من قدماء الفلاسفة (أنه لا يعلم شيئا أصلا وإلا علم نفسه إذ يعلم على تقدير كونه عالما بشئ أنه يعلمه وذلك يتضمن علمه بنفسه وقد بينا امتناعه) في مذهب الفرقة الأولى (لا يقال لا نسلم إن من علم شيئا علم أنه عالم به وإلا لزم من العلم) بشئ العلم بالعلم بذلك الشئ وهكذا فيلزم من العلم (بشئ واحد العلم بأمور غير متناهية) وهو محال (لأنا نقول المدعي لزوم إمكان علمه به) أي بأنه عالم وذلك مما لا خفاء فيه (فإن من علم شيئا أمكنه أن يعلم أنه عالم به بالضرورة وإلا جاز أن يكون أحدنا عالما بالمجسطي والمخروطات) وسائر العلوم الدقيقة الكثيرة المباحث المثبتة بالدلائل القطيعة (ولكن لا يمكنه أن يعلم أنه عالم به وأن التفت إلى ذلك وبالغ في الاجتهاد وذلك سفسطة) ظاهرة وإذا لزم الإمكان ثبت المدعى لأن إمكان المحال محال (والجواب أنه إن امتنع منه تعالى علمه بنفسه منعنا الملازمة وقلنا الضرورة) التي ذكرتموها إنما هي (فيمن يمكنه العلم بنفسه وإن أمكن له) علمه بنفسه (منعنا
بطلان التالي) المتضمن لهذا العلم الممكن بالفرض (وأيضا قد مر
بطلان ما ذكروه في) إثبات (أنه لا يعلم نفسه الثالثة) من الفرق المخالفة (من قال إنه لا يعلم غيره)
____________________
كونه تعالى عالما بذاته في نفس الأمر بل بحسب الاعتبار فقط والمقصود هو الأول وقد مر في بحث العلم جوابه فليتذكر (قوله إذ قد تحقق النسبة بينه وبين جميع أجزائه) إن أراد النسبة الواحدة نمعنها ولا يلزم من انتفائها عدم علمنا إلا أحد أجزائنا لجواز أن نعلم كل جزء بنسب متعددة وإن أراد مطلق النسبة لم يحصل المطلوب فليتأمل (قوله لأن إمكان المحال محال) وأيضا قد ثبت أن ما يمكن للواجب من الكمالات فهو ثابت له بالفعل وإلا لزم الجهل