شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٧٦
الزمان كان حاضرا عنده وما حدث قبله أو بعده كان ماضيا أو مستقبلا وأما علمه تعالى فلا اختصاص له بزمان أصلا (فلا يكون ثمة حال وماض ومستقبل) فإن هذه صفات عارضة للزمان بالقياس إلى ما يختص بجزء منه (إذ الحال معناه زمان حكمي هذا والماضي زمان) هو (قبل زمان حكمي هذا والمستقبل زمان) هو (بعد زمان حكمي هذا فمن كان علمه أزليا محيطا بالزمان) وغير محتاج في وجوده إليه وغير مختص بجزء معين من أجزائه (لا يتصور في حقه حال ولا ماض ولا مستقبل) فالله سبحانه وتعالى عالم عندهم بجميع الحوادث الجزئية وأزمنتها الواقعة هي فيها لا من حيث إن بعضها واقع الآن وبعضها في الماضي وبعضها في المستقبل فإن العلم بها من هذه الحيثية يتغير بل يعلمها علما متعاليا عن الدخول تحت الأزمنة ثابتا أبد الدهر وتوضيحية إنه تعالى لما لم يكن مكانيا كانت نسبته إلى جميع الأمكنة على سواء فليس فيها بالقياس إليه قريب وبعيد ومتوسط كذلك لما لم يكن هو صفاته الحقيقية زمانية لم يتصف الزمان مقيسا إليه بالمضي والاستقبال والحضور بل كان نسبته إلى جميع الأزمنة سواء فالموجودات من الأزل إلى الأبد معلومة له كل في وقته وليس في علمه كان وكائن وسيكون بل هي حاضرة عنده في أوقاتها فهو عالم بخصوصيات الجزئيات وأحكامها لكن لا من حيث دخول الزمان فيها بحسب أوصافها الثلاثة إذ لا تحقق لها بالنسبة إليه ومثل هذا العلم يكون ثابتا مستمرا لا يتغير أصلا كالعلم بالكليات قال بعض الفضلاء وهذا معنى قولهم إنه يعلم الجزئيات على وجه كلي لا ما توهمه بعضهم من أن علمه محيط بطبائع الجزئيات وأحكامها دون خصوصياتها وما يتعلق بها من الأحوال كيف وما ذهبوا إليه من أن العلم
____________________
جواب المشايخ ويدفع عنه الاعتراض المذكور (قوله كذلك لما لم يكن هو وصفاته الحقيقية زمانية) فيه بحث لأن الله سبحانه أوليس بواقع في الزمان وكذا صفاته لكن لا شك أنه مقارن له كما مر وهذه المقارنة تكفي في اتصاف الزمان مقيسا إليه تعالى بالأوصاف الثلاثة وبالجملة المكان مجتمع الأجزاء حاضر عنده تعالى ولا يتصور فيه القرب والبعد بالنسبة إليه سبحانه لأنه أوليس بمكاني وهذا ظاهر وأما الزمان فأجزاؤه ممتنعة الاجتماع في الوجود وكذا الزمانيات قد لا تكون مجتمعة فيه فالقول بأن نسبته تعالى إلى جميع الأزمنة سواء مع مقارنته لليوم مثلا بناء على أنه ليس بواقع في الزمان لا يخلو عن إشكال فالأولى في بيان عدم لزوم التغير أصلا أن يترك القياس على المكان ولا يبنى الكلام على أنه تعالى أوليس زمانيا بل يقال أن الله تعالى يعلم أن الجزء المعين من الزمان لا باعتبار المضي والاستقبال والحضور بل بحسب ذاته تعالى ظرف للحادث الفلاني والعلم بهذا الوجه لا يتغير بتغير الأزمنة سواء كان العلم زمانيا أولا وهذا ظاهر عند التأمل (قوله قال بعض الفضلاء الخ) قال الأستاذ المحقق ما ذهبوا إليه من أن العلم بالجزئيات المتشكلة يحتاج إلى الآلات الجسمانية ينافي ما حمل عليه هذا الفاضل مذهبهم في هذه المسألة
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344