____________________
أن الجواب الأول كان دالا على أنه تعالى يعلم غير المتناهي إجمالا لا تفصيلا وهذا الجواب دال على أنه تعالى يعلمه تفصيلا لا إجمالا والحق أنه تعالى يعلمه إجمالا وتفصيلا فلذا أعرض عنهما وأجاب عن أصل الاستدلال بوجه لا محذور فيه (قوله لا يعلم الجزئيات المتغيرة) لا شك أن هذا يستلزم جهل تلك الجزئيات من بعض الوجوه ولهذا كفرت الفلاسفة فلا وجه لنفي علمه بالجزئيات المتغايرة بناء على لزوم التغير أو الجهل على تقدير العلم بها وإلا فلا بد من الفرق بين الجهلين حتى يلزم أحدهما دون الآخر وقد يعتذر عنه بأن إدراك الجزئيات الجسمانية من حيث هي جزئيات جسمانية وإن كان كمالا للموجود إلا أنه أوليس كمالا مطلقا لأنه يوجب نقصانا من وجه لاستلزامه التجسم والتركب فلا استحالة في عدم ثبوته للواجب تعالى وأنت خبير بأن هذا الاستلزام بسبب أن إدراك الجزئيات الجسمانية محتاج إلى آلات جسمانية وقد تحققت إن هذا الاحتياج غير مسلم سيما بالنسبة إلى الواجب تعالى (قوله يوجب التغير في ذاته من صفة إلى صفة) هذا إنما هو على رأي القائلين بالصفة من الفلاسفة أو كلام إلزامي كما نبهت عليه في الدرس السابق ولا وجه لحمل الصفة على الحالة لأن بطلان التغير فيها ممنوع عند الفلاسفة أيضا ويؤيده أن المصنف أجاب بمنع لزوم التغير وصرح الشارح بأنه لا يلزم التغير في صفة موجودة (قوله لأن العلم عندنا إضافة الخ) رد هذا الجواب بأنه لو كان علمه تعالى إضافة محضة أو صفة حقيقية ذات إضافة بدون الصورة لزم أن لا يكون الباري تعالى عالما بالحوادث قبل وجودها في الخارج إذ لا وجود لها في الخارج وهو ظاهر ولا في العاقل لأن المفروض أن لا صورة ولا تحقق للإضافة سواء كانت إضافة الذات أو إضافة الصفة قبل تحقق المضاف