____________________
فلا يثبت المطلوب (قوله وعلم أنه موجود وعلم أنه يلزم الخ) فيه أن المطلوب من الدليل السابق كون المقصود ههنا إثبات علمه تعالى بنفس معلولاته إلا بوجودها فالعلمان الأخيران مما لا حاجة إليه اللهم إلا أن يقال لما كان مبنى كلامهم أن العلم التام بالعلة يستلزم العلم بالمعلول والعلم التام بها عبارة عن العلم بها بجميع ما لها ومن جملته عليتها ووجودها كان لزوم العلم بوجود المعلول داخلا في المدعى (قوله لكن ما ذكرتم يدل الخ) دفع لجواب صاحب المقاصد بأن الكلام في العلم التام يعني العلم بالشئ بجميع ما له في نفسه أي من الصفات التي منها العلية ولا شك أن علم الباري تعالى بذاته كذلك وأنه يستلزم العلم بالمعلول ووجه الدفع الذي أشار إليه لا يلزم من الدليل المذكور كون علمه تعالى بذاته تاما بذلك المعنى وإن كان كذلك في نفس الأمر فإن قلت لما كانت العلة لذاته المخصوصة موجبة للمعلول المخصوص كان العلم بحقيقتها موجبا للعلم بالمعلول وهذا ضروري لا وجه لمنعه قلت المعلوم لنا هو أن عين العلة الخارجية مستلزمة لعين المعلول الخارجي وأما أن صورتها مستلزمة لصورته فلا نسلم ذلك إذ الأعيان تخالف الصور في كثير من الأحكام على أن علمه تعالى بذاته حضوري عندهم فلا حصول صورة فيه فإن قلت لما ثبت أن المعنى بكون الماهية معقولة حضورها للذات المجرد القائم بذاته تعالى لزم كون عليته معقولة لذاته ضرورة حضورها له تعالى لكونها وصفا له ثم إنه يلزم من علمه بها علمه بالمعلولات وهو المطلوب قلت أجيب عنه بأنا لا نسلم أن العلية حاضرة له تعالى لأن حضور الشئ إما بوجوده له متأصلا كصفاته الحقيقية الخارجية أو غير متأصل كما إذا حصل صور الأشياء الخارجية فيه والعلية وصف اعتباري أوليس لها وجود خارجي فليس لها حضور باعتبار وجودها له تعالى متأصلا ثم أن اتصاف الموصوف بصفة لا تقتضي ثبوت الصفة فيه ظليا أيضا فلم يلزم كون العلية معقولة له أصلا وهذا الجواب غير مرضي عندي إذ لو اعتبر في حضور الاعتباريات وجودها الظلي لم يبق فرق بين الحصولي والحضوري في علمه تعالى بالمعدومات وعاد ما هربوا عنه من لزوم التكثر في ذاته تعالى وإن التزمه أبو علي وراغم أصول الفلاسفة كما فصلناه في موقف الأعراض فالجواب عن السؤال عندي منع أن العلم الحضوري بالعلية يستلزم العلم بالمعلول وأن استلزم العلم الحصولي بها علمه وهذا الاستلزام هو مبنى الاستدلال وعلمها الحصولي هو الممنوع في الجواب على أن حضور عليته له تعالى لا يستلزم حضور علية معلوله لما بعده له فلا يلزم عموم علمه تعالى مع أنهم يستدلون بهذا الدليل عليه كما لا يخفى (قوله كالكليات صادرة عنه) صدور الكليات عنه تعالى محل تردد إذ لا وجود لها في الخارج ولا في الذهن عندنا وأما كونها معللة في ضمن الأفراد فهو راجع إلى تعلل الأفراد كما أشار إليه في المقصد الثاني من بحث العلة والمعلول وبهذا يظهر أن دلالة ثاني مسلكي الحكماء على علمه تعالى بالجزئيات أظهر من دلالته على علمه تعالى