شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٦٨
(الأول منع الكبرى) القائلة بأن كل مجرد عاقل للمفهومات الكلية (وبرهانه) الذي تمسكوا به (قد مر ضعفه و) يرد (على) المسلك (الثاني إنا لا نسلم أن التعقل ما ذكرتم وتعريفه بذلك لا يوجب الجزم بأن حقيقته ذلك ما لم يقم عليه برهان إذ غايته أنهم يعنون بالتعقل ذلك) المعنى الذي عرفوه به (ولكن من أين لهم أن الحالة التي نجدها من أنفسنا ونسميها العلم حقيقته ذلك) الذي ذكروه (لا بد له من دليل سلمناه) أي سلمنا أن حقيقة العلم ما ذكرتموه (لكن لم لا يجوز أن يشترط فيه التغاير) بين الحاضر وما حضر هو عنده فلا يكون الشئ عالما بنفسه كما اشترط ذلك في الحواس فإنها لا تدرك أنفسها مع كونها حاضرة عندها غير غائبة عنها (سلمناه) أي عدم اشتراط التغاير (لكن لا نسلم أن العلم بالعلة يوجب العلم بالمعلول وإلا لزم من العلم بالشئ العلم بجميع لوازمه القريبة والبعيدة) لأنه إذا علم الشئ علم لازمه القريب الذي هو معلوله وإذا علما معا علم البعيد أيضا لأنه معلولهما (نعم يلزم ذلك
____________________
(قوله لا نسلم أن التعقل ما ذكرتم الخ) قيل كيف والحضور نسبة بين الشيئين ولم يقل أحد من الفلاسفة بكون التعقل والعلم من المقولات النسبية ولو جوز كون التعقل نسبة فلم لا يجوز أن يكون عبارة عن حالة نسبة أخرى يتحصل في حقنا دون بعض المجردات (قوله لكن لم لا يجوز أن يشترط فيه التغاير) قد يؤيد هذا بأن العلم مما يفهم بالضرورة كل أحدا ما بكنهه أو بما يميز عن سائر أغياره ونحن نعلم قطعا أن مجرد عدم غيبة الشئ عن نفسه الذي سموه بالحضور عند نفسه سواء كان مجردا أو ماديا أوليس مما يصدق عليه هذا المفهوم بل ربما يدعي أن عدم غيبة الشئ عن نفسه أوليس فيه تفاوت بين المجرد وغيره بحيث يكون أحدهما علما والآخر غير علم قيل المفهوم من تقرير الشارح أنه حمل هذا الكلام على أن التغاير شرط بعد تحقق الحضور ولا وجه له لأنه يؤدي إلى أن يوجد حقية الشئ بدونه لانتفاء شرطه وهو غير معقول فالصواب أن مراد المصنف لم لا يجوز أن يشترط في حضور الشئ للشئ المغايرة الذاتية بين الحاضر وما حضر عنده حتى لا يتعلق علم الشئ بنفسه لانتفاء الحضور المستلزم لتلك المغايرة لا لانتفائها مع تحقق الحضور الذي هو حقيقة العلم على الفرض وأجيب بأن الإضافة في قول الشارح حقيقة العلم ما ذكرتموه مثل الإضافة في قولنا حقيقة الهندي الإنسان لا مثلها في قولنا حقيقة الإنسان الحيوان الناطق وحينئذ يكون العلم حصة من حقيقة الحضور مشروطا بالمغايرة الذاتية فلا يلزم من وجود الحضور وجود العلم كما لا يلزم من وجود الإنسان وجود الهندي وإن كان حقيقته ذلك (قوله بجميع لوازمه القريبة والبعيدة) نوقش فيه بأن جميع لوازم الشئ لا يلزم أن يكون معلولات له بل قد يكون معلولا وقد يكون علة وقد يكون غيرهما وأجيب بأن اللازم قد يطلق على ما يتبع الشئ ويحتاج إليه وهو بهذا المعنى معلول لذلك الشئ في الجملة وهو المراد ههنا (قوله وإذا علم ما علم البعيد أيضا) فإن قلت العلم باللازم إنما يلزم إذا تصور الملزوم قصدا ويكون العلم به ما تاما بالمعنى الذي يعرفه وحينئذ نقول العلم الثالث إنما يلزم إذا كان تصور اللازم الأول قصديا وليس فليس وإن تصور كذلك نقول يلزم الثالث لهما وهلم جرا لكن ينقطع بانقطاع التصورات القصدية قلت فحينئذ نقول الدليل الذي ذكر لو سلم دلالته على علمه القصدي بذاته تعالى لم يدل على علمه القصدي بمعلولاته
(٦٨)
مفاتيح البحث: المنع (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344