مبادي له فقد تتصل) النفس الناطقة (بها) أي بتلك المجردات اتصالا معنويا وتنجذب إليها بواسطة الجنسية (وتشاهد ما فيها) من صور الحوادث (فتحكيها) أي يرتسم فيها من تلك الصور ما لا تستعد هي لارتسامه فيها كمرآة يحاذي بها مرآة أخرى فيها نقوش فينعكس منها إلى الأولى ما يقابلها (ويؤيده) أي يدل على
جواز ما قلنا من أن تكون للنبي نفس قوية بهذه المرتبة (ما ترى النفوس) أي رؤية النفوس البشرية (وما هي عليها من التفاوت) في إدراك المعاني العقلية (في طرفي الزيادة والنقصان) تفاوتا (متصاعدا إلى النفوس القدسية التي تدرك النظريات الكثيرة بالحدس في أقرب زمان غير أن يعرض لها غلط (ومتنازلا إلى البليد الذي لا يكاد يفقه قولا وكيف) يستنكر ذلك الاطلاع في حق النبي (وقد يوجد) ذلك (فيمن قلت شواغله لرياضة) بأنواع المجاهدات (أو
مرض) صارف للنفس عن الاشتغال بالبدن واستعمال الآلة (أو نوم) ينقطع به احساساته الظاهرة فإن هؤلاء قد يطلعون على مغيبات ويخبرون عنها كما
يشهد به التسامع والتجارب بحيث لا يبقى فيه شبهة للمنصفين (قلنا) ما ذكرتم (مردود) بوجوه (إذ الاطلاع على جميع المغيبات لا يجب للنبي اتفاقا) منا ومنكم ولهذا قال سيد الأنبياء ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء (والبعض) أي الاطلاع على البعض (لا يختص به) أي بالنبي (كما أقررتم به) حيث جوزتموه للمرتاضين والمرضى والنائمين فلا يتميز به النبي عن غيره (ثم) نقول (إحالة ذلك) أي الاطلاع المختص بالنبي (على اختلاف النفوس) في صفاء جوهرها وكدره وشدة قوتها على قطع التعلق والتوجه إلى جناب القدس والملأ الأعلى (ونجردها مع اتحادها بالنوع) كما هو مذهبهم (مشكل) لأن المساواة في الماهية توجب الاشتراك في الأحكام والصفات وإسناد الاختلاف إلى أحوال البدن مبني على القول بالموجب بالذات (و) نقول أيضا باقي المقدمات) من الاتصال بالمبادئ العالية بعلة الجنسية وانتقاشها بما فيها من صور الحوادث
____________________
(قوله حيث جوزتموه للمرتاضين الخ) قد يجاب عنه بأن لهم أن يقولوا كونه بلا مرض ونوم ورياضة تختص به على أنه يجوز أن يكون الخاصة المطلقة مجموع الثلاثة ويكون كل واحد منها خاصة إضافية (قوله مع اتحادها بالنوع مشكل الخ) اعترض عليه بجواز الاستناد إلى المشخصات ثم قوله مبنى على القول بالموجب مدفوع بجواز إسناد الاختلاف إلى أحوال البدن بطريق جري العادة نعم مذهبهم الايجاب لكن الكلام في لزوم القول به على تقدير إسناد الاختلاف إليها كما يفهم من كلامه والجواب إن تشخص النفس باعتبار البدن عند الفلاسفة فيكون في المآل إسناد الاختلاف إلى أحوال البدن ثم إن الاختلاف بطريق جري العادة ينافي الشرطية التي كلامنا