لكن تخلف عنها علمنا بكونه معجزا (وإنما انتفى التكليف بمتابعته حينئذ) أي لم يجب على الناس التصديق بنبوته ومتابعته في الزمان الواقع بين الإخبار وحصول الموعود به (لأن شرطه) أي شرط التكليف بالتصديق والمتابعة (العلم بكونه معجزا) وذلك إنما يحصل بعد وجود ما وعد به (وقيل حصوله) أي حصول الموعود به (فيكون) المعجز على هذا القول (متأخرا) عن الدعوى (وقيل يصير قوله) أي إخباره (معجزا عند حصوله) أي حصول الموعود به (فيكون) المعجز على هذا القول (متأخرا) باعتبار صفته أعني كونه معجزا (والحق إن المتأخر) هو (علمنا بكونه معجزا) يعني إن المختار هو القول الأول لأن إخباره كان إخبارا بالغيب في نفس الأمر فيكون معجزا مقارنا للدعوى والمتخلف عنها هو علمنا بكونه معجزا لا كونه معجزا فبطل بذلك القول الثالث وأما القول الثاني فلا طائل تحته لأن ذلك الحصول لا يمكن جعله معجزا إلا إذا كان خارقا للعادة وربما لم يكن كذلك وإن جعل شرط لاتصاف الإخبار بالإعجاز فقد رجع إلى الثالث وبطل ببطلانه ولهذا لم يوجد هذا القول في أبكار الأفكار (البحث الثاني في كيفية حصولها) المذهب (عندنا إنه فعل الفاعل المختار يظهرها على يد من يريد تصديقه بمشيئته لما تعلق به مشيئته) من دعوى النبوة ممن أرسله إلى الناس ليدعوهم إلى ما ينجيهم ويسعدهم في الدارين ولا يشترط لإظهارها استعدادا كما لا يشترط في النبوة على ما مر خلافا للحكماء (وقال الفلاسفة) إنها (تنقسم إلى ترك وقول وفعل أما الترك فمثل أن يمسك عن القوت المعتاد برهة من الزمان بخلاف العادة وسببه انجذاب النفس) الزكية عن الكدورات البشرية إما لصفاء جوهرها في أصل فطرتها وإما لتصفيته بضرب من المجاهدة وقطع العلائق (إلى عالم القدس واشتغالها) بذلك (عن تحليل مادة البدن فلا تحتاج إلى البدل كما
نشاهده في المرضي من (أن النفس لاشتغالها بمقاومتها لمرض) من الأمراض الحادة وتحليلها للمواد الردية (تنكف) وتمتنع (عن التحليل) للمواد المحمودة (فتمسك عن
____________________
المفهوم من شرح الجندي رحمه الله (قوله لأن شرطه العلم بكونه معجزا) فيه بحث وهوانه مخالف ما مر في بحث النظر من أن وجوب النظر على المكلف لا يتوقف على النظر وعلى العلم بوجوبه وإلا لدار وذلك لأن العلم بكونه معجزا إنما يكون بعد النظر فالصواب أن يقال لأن شرطه التمكن من العلم بكونه معجزا وذلك إنما يحصل بعد وجود ما وعد به (قوله وربما لم يكن كذلك) فإن قلت الحصول على وجه الإخبار عنه قبل الحصول هو محل الكلام وإنه خارق البتة قلت انضمام الخارق إلى ما أوليس بخارق في نفسه لا يجعله خارقا فيكون الخارق في