حدة تتعلق به حال وجوده عندنا (والتكليف بهذا جائز بل واقع إجماعا وإلا لم يكن العاصي بكفره وفسقه مكلفا) بالإيمان وترك الكبائر بل لا يكون تارك المأمور به عاصيا أصلا وذلك معلوم بطلانه من الدين ضرورة (وأقصاها أن يمتنع لنفس مفهومه كجمع الضدين وقلب الحقائق) وإعدام القديم (وجواز التكليف به فرع تصوره) وهو مختلف فيه (فمنا من قال لو لم يتصور) الممتنع لذاته (لامتنع الحكم) عليه (بامتناع تصوره و) امتناع (طلبه) إلى غير ذلك من الأحكام الجارية عليه (ومنهم من قال طلبه
يتوقف على تصوره واقعا) أي ثابتا لأن الطالب لثبوت شئ لا بد أن يتصور أولا مطلوبه على الوجه الذي يتعلق به طلبه ثم يطلبه (وهو) أي التصور على وجه الوقوع والثبوت (منتف ههنا) أي في الممتنع لنفس مفهومه (فإنه) يستحيل تصوره ثابتا وذلك لأن ماهيته من حيث هي هي تقتضي انتفاءه وتصور الشئ على خلاف ما تقتضيه ذاته لذاته لا يكون تصورا له بل لشئ آخر كمن يتصور أربعة ليست بزوج فإنه لا يكون متصور للأربعة قطعا بل الممتنع لذاته (إنما يتصور) على أحد وجهين (إما منفيا بمعنى أنه أوليس لنا شئ موهوم أو محقق هو اجتماع الضدين أو بالتشبيه بمعنى أن يتصور اجتماع المتخالفين كالسواد والحلاوة ثم يحكم بأن مثله لا يكون بين الضدين وذلك) أي تصوره على أحد هذين الوجهين كاف في الحكم عليه دون طلبه لأنه (غير تصور وقوعه) وثبوته (ولا مستلزم له صرح ابن سينا به) أي بأن تصوره كذلك كما نقلناه عنه في باب العلم (ولعله معنى قول أبي هاشم العلم بالمستحيل علم لا معلوم له) كما أشرنا إليه هناك أيضا (و) لعله (مراد من قال المستحيل لا يعلم) أي لا يعلم من حيث ذاته وماهيته (المرتبة الوسطى) من مراتب ما لا يطاق (أن لا يتعلق به القدرة الحادثة عادة سواء امتنع تعلقها به لا لنفس مفهومه) بأن لا يكون من جنس ما تتعلق به (كخلق الأجسام) فإن القدرة الحادثة لا تتعلق بإيجاد لجوهر أصلا (أم لا) بأن يكون من جنس ما تتعلق به لكن
____________________
عليه الأستاذ المحقق بأن عدم تعلق القدرة إذا كان من جهة أن القدرة مع الفعل لم يبق لامتناع الفعل بعلم الله تعالى بعدم وقوعه ولا لإرادته لذلك واختياره إياه دخل ولزم أن يكون كل مكلف به مما لا يطاق سواء علم الله تعالى وقوعه أو علم عدم وقوعه لأن التكليف قبل الفعل بالضرورة والقدرة معه ولا قائل به لأن مرادهم بالقدرة في هذا المقام سلامة الأسباب والآلات لا الاستطاعة التي مع الفعل وجوابه أن معنى قوله فإن مثله لا تتعلق به القدرة الحادثة الخ أنه لا يتعلق به في زمان من الأزمان أي ولو في الزمان المستقبل بالنظر إلى زمان التكليف لأن القدرة مع الفعل والفعل ممتنع في جميع الأزمان لأن وقوعه يستلزم انقلاب علم الله تعالى جهلا أو تخلف المراد عن الإرادة