شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٢٠٥
فلا بد) لكم أولا (من تصويره) أي تصوير ذلك الأمر الآخر حتى نفهمه ونتصوره (ثم) لا بد ثانيا (من تقريره) أي بيانه ثبوت ذلك المفهوم للفعل على تقدير خلوه من الغرض (ثم) لا بد ثالثا (من الدلالة على امتناعه) أي استحالة الفعل المتصف بذلك المفهوم الآخر (على الله سبحانه وتعالى) حتى يتم لكم مطلوبكم وقد يقال في الجواب أن العبث ما كان خاليا عن الفوائد والمنافع وأفعاله تعالى محكمة متقنة مشتملة على حكم ومصالح لا تحصي راجعة إلى مخلوقاته تعالى لكنها ليست أسبابا باعثة على إقدامه وعللا مقتضية لفاعليته فلا تكون أغراضا له ولا عللا غائية لأفعاله حتى يلزم استكماله بها بل تكون غايات ومنافع لا فعله وآثار مترتبة عليها فلا يلزم أن يكون شئ من أفعاله عبثا خاليا عن الفوائد وما ورد من الظواهر الدالة على تعليل أفعاله تعالى فهو محمول على الغاية والمنفعة دون الغرض والعلة الغائية (تذنيب * إذا قيل لهم) أنتم قد أوجبتم الغرض في أفعاله تعالى (فما الغرض من هذه التكاليف الشاقة التي لا نفع فيها لله لتعاليه عنه ولا للعبد لأنها مشقة بلاحظ قالوا الغرض فيها) عائد إلى العباد وهو (تعريض العبد للثواب) في الدار الآخرة وتمكينه منه (فإن الثواب تعظيم) أي منفعة دائمة مقرونة بتعظيم وإكرام (وهو) أي التعظيم المذكور (بدون استحقاق سابق قبيح) عقلا ألا يرى أن السلطان إذا أمر بزبال وأعطاه من المال ما لا يدخل تحت الحصر لم يستقبح منه أصلا بل عد جودا وفضلا وإغناء للفقير وتبعيدا له عن ساحة الهوان بالكلية لكنه مع ذلك إذا نزل له وقام بين يديه معظما له ومكرما إياه وأمر خدمه بتقبيل أنامله استقبح منه ذلك وذمه العقلاء ونسبوه إلى ركاكة العقل وقلة الدراية فالله سبحانه لما أراد أن يعطي عباده منافع دائمة مقرونة بإجلال وإكرام منه ومن ملائكته المقربين ولم يحسن أن يتفضل بذلك عليهم ابتداء بلا استحقاق كلفهم ما يستحقونه به (فيقال عليه فلا يتصور بينهما الاتحاد بالذات (قوله لكنها ليست أسبابا باعثه الخ) لأن الباعث ما يكون مقصودا بالقصد الأولى ويكون القصد إلى الفعل لأجل تحصيله وأفعال الله تعالى ليست كذلك بل كلها مقصود بالقصد الأول لاستغنائه الذاتي (قوله بدون استحقاق سابق قبيح) قالوا وللأعمال تأثير في الاستحقاق لقوله تعالى جزاء بما كانوا يعملون ونظائره وأنت خبير بأن الاستحقاق بمعنى ترتب الثواب والعقاب على الأعمال مما لا نزاع فيه وأما بمعنى كون ذلك الترتب حقا لازما بحيث يذم تاركه كما زعموه فممنوع ولا دليل في الكتاب عليه (قوله ولم يحسن أن يتفضل بذلك عليهم ابتداء) فيه بحث وهو أنه لو سلم قبح التفضل بالثواب ابتداء لم يندفع بالتكليف إذ لا نسبة لطاعة العبد ولو استغرق عمره ولم يعصه طرفة عين إلى ما وعده الله تعالى من الثواب بفضله وجوده أن
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344