شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٢٠٦
لهم لا نسلم إن التفضل بالثواب قبيح) بل لا قبح هناك أصلا ولو سلم قبحه فإنما يقبح ممن يجوز عليه الانتفاع والضرر لا من الله تعالى فإنه يجوز أن يتفضل به (كما تفضل) على عباده (بما لا يحصى من النعم في الدنيا) وأنت خبير بأن المستقبح عندهم هو التفضل بالتعظيم الموعود دون النعم كما صورناه لكنه سند للمنع فلا يجدي دفعه (وإن سلم قبحه) من الله تعالى أيضا فيمكن التعريض له) أي للثواب (بدون هذه المشاق) العظيمة (إذا ليس الثواب على قدر المشقة وعوضا) مساويا لها (ألا ترى إن في التلفظ بكلمة الشهادة من الثواب ما أوليس في كثير من العبادات الشاقة) كالصلاة والصيام (وكذا الكلمة المتضمنة لإنجاء نبي) من ظالم يريد إهلاكه (أو تمهيد قاعدة خير أو دفع شر عام) إذ يستحق بهذه الكلمة من الثواب ما يزيد على ثواب كثير من العبادات وإن كانت أشق منها (وما يروي) من (أن أفضل العبادات أخمزها) أي أشقها (فذلك عند التساوي في المصالح) فلا ينافي أن يكون الأخف الأسهل أكثر ثوابا إذا كان أكثر مصلحة وأعظم فائدة وإذا أمكن التعريض المذكور بدون تلك المشاق كان التكليف بها عاريا عن الغرض (ثم إنه) أي ما ذكرتم من أن التكليف تعريض للثواب (معارض بما فيه من تعريض الكافر والفاسق للعذاب) إذا لولا التكليف لم يستحقا عقابا (ومن أين لكم أن ذلك) التعريض للثواب (أكثر من هذا) أي التعريض للعذاب بل نقول إن الثاني أكثر من الأول لأن الغلبة للكفرة والفسقة وإذا لم تكن المنفعة أكثر من المضرة لم تصلح تلك المنفعة لأن تكون غرضا للحكيم العالم بأحوال الأشياء كلها الآتي بالأفعال على وجهها فبطل ما ذكرتموه من غرض التكليف
____________________
ألا ترى أن الأمير إذا أمر الزبال بأن يزبل نقرة واقعة في الطريق ففعله ثم أعطاه كثيرا من المال وأجله غاية الاجلال فنزل له ولو قام بين يديه معظما له ومكرما إياه وأمر خدمه بتقبل أنامله يذم عند العقلاء أيضا (قوله كالصلاة والصيام هذا يدل على أن كلمة الشهادة أفضل منهما وفيه بحث إذ الظاهر أن الصلاة أفضل منهما لاشتمالها عليها وعلى غيرها وسنذكر تمام الكلام فيه في الثواب في توضيح قوله صلى الله تعالى عليه وسلم الإيمان بضع وسبعون شعبة الحديث قبل التلفظ بكلمة الشهادة أشق على النفس الكافرة من الصلاة وأمثالها لأن فيه ترك دين اعتاده ولذا تراهم يبدلون أنفسهم وأموالهم دون كلمة الشهادة نعم تلفظه بعد الإسلام أسهل لكن لبقاء الشئ حكم ابتدئه وأنت خبير بأن في الصلاة أيضا بل في كل عمل شرعي يتمثل به الكافر من حيث إنه ملتقى من النبي عليه السلام ترك دين اعتاده على أنه أوليس الكلام في تلفظ الكافر (قوله معارض بما فيه من تعريض الكافر) قد يجاب عنه بأن التعريض للثواب مع التمكين من اكتساب السعادة الأبدية هي المحسنة للتكليف ولا يبطل حسنه بتعذيب الكافر والفاسق لسوء اختيارهما (قوله فبطل ما ذكرتموه من عرض التكليف) قال في شرح المقاصد الحق
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344