الخطابي والغزالي رحمهم الله تعالى (وقيل مشتق وأصله الإله حذفت الهمزة لنقلها وادغم اللام وهو من له) بفتح اللام أي عبد وهو المراد بقوله (إذا تعبد وقيل) الإله مأخوذ (من الوله وهو الحيرة ومرجعهما صفة إضافية) هي كونه معبود للخلائق ومختارا للعقول (وقيل) معنى الإله (هو القادر على الخلق) فيرجع إلى صفة القدرة وقيل هو الذي لا يكون إلا ما يريد (وقيل من لا يصح التكليف إلا منه فمرجعه) على هذين الوجهين (صفة سلبية) فعلية والصحيح أن لفظة الله على تقدير كونها في الأصل صفة فقد انقلبت علما مشعرا بصفات الكمال للاشتهار (الرحمن الرحيم) هما بمنزلة الندمان والنديم (أي مريد الإنعام على الخلق فمرجعهما صفة الإرادة) وقيل معطي جلائل النعم ودقائقها فالمرجع حينئذ صفة فعلية (الملك) أي (
يعز) من يشاء (ويذل) من يشاء (ولا يذل) أي يمتنع إذلاله (فمرجعه صفة فعلية وسلبية وقيل) معناه (التام القدرة فصفة القدرة) مرجعه (القدوس) أي (المبرأ عن المعايب وقيل) هو (الذي لا يدركه الأوهام والأبصار فصفة سلبية) على الوجهين (السلام) أي (ذو السلامة عن النقائص) مطلقا في ذاته وصفاته وأفعاله (فصفة سلبية وقيل) معناه (منه وبه السلامة) أي هو المعطي للسلامة في المبدأ والمعاد (ففعلية وقيل يسلم على خلقه قال تعالى سلام قولا من رب رحيم فصفة كلامية المؤمن) هو (المصدق لنفسه) فيما أخبر به كالوحدانية مثلا في قوله
شهد الله أنه لا إله هو (ورسوله) فيما أخبروا به في تبليغهم عنه (أما بالقول) نحو قوله تعالى محمد رسول الله (فصفة كلامية أو يخلق المعجز) الدال على
صدق الرسل وخلق العالم على النظام
المشاهد الدال على الوحدانية (ففعلية
____________________
جني أن سيبويه رؤى في منامه فقيل ما فعل الله تعالى بك فقال خيرا وذكر كرامة عظيمة فقيل له بم نلت ذاك فقال لقولي إن اسم الله أعرف المعارف (قوله وأصله الإله) يحتمل أن يكون حرف التعريف فيه من المحكى وهو الظاهر من كلام الشارح ويحتمل أن يكون من الحكاية بأن يكون الأصل إلها منكرا وقد ذهب إلى كل فرقة (قوله من الوله) فاله على كلا الوجهين فعال بمعنى مفعول لكن على الثاني أصله ولاه أبدلت الواو همزة كما قالوا في وساد أساد (قوله للاشتهار) قيل لا بعد في أن يشعر بالبعض باعتبار ملاحظة الأصل كما في الكنى والألقاب (قوله الرحمن الرحيم) الرحمن أبلغ من الرحيم لما فيه من زيادة البناء فبعضهم اعتبر الأبلغية باعتبار الكمية كما قيل يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة لأن رحمة الدنيا تعم المؤمن والكافر ورحمة الآخرة تختص بالمؤمن وبعضهم لاحظ الأبلغية باعتبار الكيفية فحمل الرحمن على المنعم بالنعم الأخروية لأنها كلها أجسام وأما النعم الدنيوية فحقيرة بالنسبة إليها وقيل الرحيم أبلغ لأن الفعيل يكون للصفات الجبلية وهو مردود بالسقيم والمريض ثم الرحمن من الصفات الغالبة لم يستعمل في غير الله تعالى ولهذا قدم على الرحيم وقول بني حنيفة لمسيلمة الكذاب رحمن اليمامة