ذلك الفرض لأنه لا يصلح غرضا للفاعل إلا ما هو أصلح له من عدمه) وذلك لأن ما استوي وجوده وعدمه بالنظر إلى الفاعل أو كان وجوده مرجوحا بالقياس إليه لا يكون باعثا له على الفعل وسببا لإقدامه عليه بالضرورة
فكل ما كان غرضا وجب أن يكون وجوده أصلح للفاعل وأليق به من عدمه (وهو معنى الكمال) فإذن يكون الفاعل مستكملا بوجوده وناقصا بدونه (فإن قبل لا نسلم الملازمة لأن الغرض قد يكون عائدا) إلى الفاعل فيلزم ما ذكرتم من النقصان والاستكمال وقد يكون عائدا (إلى غيره) فلا يلزم (فليس) يلزم من كونه تعالى فاعلا لغرض أن يكون من قبيل الأول إذ أوليس (كل من يفعل لغرض يفعل لغرض نفسه) بل ذلك في حقه تعالى محال لتعاليه عن التضرر والانتفاع فتعين أن يكون غرضه راجعا إلى عباده وهو الاحسان إليهم بتحصيل مصالحهم ودفع مفاسدهم ولا محذور في ذلك (قلنا نفع غيره) والإحسان إليه (إن كان أولى بالنسبة إليه تعالى من عدمه جاء الالزام) لأنه تعالى يستفيد حينئذ بذلك النفع والإحسان ما هو أولى به وأصلح له (وإلا) أي وإن لم يكن أولى بل كان مساويا أو مرجوحا (لم يصلح أن يكون غرضا له) لما مر من العلم الضروري بذلك بل نقول (كيف) ندعي
وجوب تعليل أفعاله تعالى بمنافع العباد (وإنا نعلم أن خلود أهل النار في النار من فعل الله ولا نفع فيه لهم ولا لغيرهم ضرورة وثانيهما) أي ثاني الوجهين (أن غرض الفعل) أمر (خارج عنه يحصل تبعا للفعل وبتوسطه) أي يكون للفعل مدخل في وجوده وهذا مما لا يتصور في أفعاله (إذ هو تعالى فاعل لجميع الأشياء ابتداء كما بيناه) فيما سلف (فلا يكون شئ من الكائنات) والحوادث
____________________
قالوا لو كانت الصفات زائدة على ذاته تعالى يكون ناقصا لذاته مستكملا بالغير فإن قلت الاستكمال بالغرض المتجدد يستلزم الخلو عنه وهو نقص يجب تنزيه الله تعالى عنه قلت الخلو عن الكمال الفعلي أوليس ينقص كما مر في نحث الرؤية والغرض كمال فعلى ككونه محمودا أو مشكورا مثلا (قوله لما مر من العلم الضروري بذلك) رد بمنع الضرورة بل يكفي مجرد كونه أصلح للغير (قوله كيف ندعي وجوب تعليل أفعاله تعالى الخ) لا يخفى أن قول الفقهاء لكن أفعاله تعالى تابعة الخ إن كان عاما بجميع أفعاله تعالى كما هو الظاهر يكون خلود أهل الجنة والنار ردا عليهم أيضا لكن لما لم يذكر قول الفقهاء في المتن تعين صرف قوله كيف الخ إلى رد قول المعتزلة ولهذا خصصه الشارح بنفي الوجوب (قوله ولا نفع فيه لهم ولا لغيرهم) يمكن أن يقال ترتب الخلود على الكفر نافع في ترك الكفر واختيار الثابت على الإيمان وأيضا المؤمنون ينتفعون بخلود أعدائهم في النار بحصول تشفي الصدور لهم (قوله كما بيناه فيما سلف) فيه أن ما سبق هو استناد الموجودات الخارجية إليه تعالى ابتداء فلم لا يجوز أن لا يكون الغرض منها على أن توقف بعض الأشياء على البعض عقلا وضرورة كتوقف وجود العرض