شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٩٧
المعصية زجرا عنها فإن في تركه التسوية بين المطيع والعاصي) وهو قبيح كما في الشاهد إذا كان له عبدان مطيع وعاص (وفيه) أي في تركه أيضا (إذن للعصاة في المعصية وإغراء لهم بها) وذلك لأنه تعالى ركب فيهم شهوة القبائح فلو لم يجزم المكلف بأنه يستحق على ارتكاب القبيح عقابا لا يجوز الاخلال به بل جوز ترك العقاب لكان ذلك إذنا من الله سبحانه وتعالى للعصاة في ارتكاب الشهوات بل إغراء بها وهو قبيح يستحيل صدوره من الله تعالى (فيقال لهم العقاب حقه والإسقاط فضل فكيف يدرك امتناعه بالعقل) وترك العقاب لا يستلزم التسوية فإن المطيع مثاب دون العاصي (وحديث الإذن والإغراء مع رجحان ظن العقاب بمجرد تجويز مرجوح ضعيف جدا) يعني أنه أوليس يلزم من جواز ترك العقاب على المعصية إذن وإغراء وإنما يلزم ذلك إذا لم يكن ظن العقاب رجحان على تركه إذ مع رجحانه لا يلزم من مجرد تجويز تركه تجويزا مرجوحا الإذن والإغراء كما أن جواز تركه بل وجوبه على تقدير إثابته التي يمكن صدورها عنه لا يستلزمهما (الرابع) من الأمور الواجبة عندهم (الأصلح للعبد في الدنيا فيقال) لهم (الأصلح للكافر الفقير المعذب في الدنيا والآخرة أن لا يخلق) مع أنه مخلوق فلم يراع في حقه ما كان أصلح له فلا يكون الأصلح واجبا عليه تعالى * (حكاية) * شريفة (تنحى بالقلع على هذه القاعدة) لقائله بوجوب الأصلح على الله سبحانه وتعالى (قال الأشعري لأستاذه أبي علي الجبائي ما تقول في ثلاثة إخوة عاش أحدهم في الطاعة وأحدهم في المعصية ومات أحدهم صغيرا فقال يثاب الأول بالجنة ويعاقب الثاني بالنار والثالث لا يثاب ولا يعاقب قال) الأشعري (فإن قال الثالث يا رب لو عمرتني فأصلح فأدخل الجنة) كما دخلها أخي المؤمن (قال) الجبائي (يقول الرب
____________________
كما قال أبو هاشم وأتباعه في الألم (قوله تنحى بالقلع) أي يقبل يقال أنحى عليه بالسوط أي أقبل به عليه والمعنى أنها تقلعه بإقبال وتوجه تام فهو أبلغ من القلع (قوله والثالث لا يثاب ولا يعاقب) وإن كان يدخل الجنة عند عامة المعتزلة القائلين بأن أطفال المشركين خدم أهل الجنة فهم في الجنة ولا ثواب لهم إذ الثواب عندهم منفعة دائمة خالصة مقرونة بالتعظيم والإكرام والقيد الأخير منتف في حقهم ثم دخولهم الجنة بلا ثواب لا ينافي كونها دار ثواب لأن معناه أن الثواب لا يكون إلا فيها لا أن كل من دخلها يثاب (قوله يا رب لو عمرتني الخ) لو هذه للتمني وهي عند بعض النحاة قسم برأسها لا يحتاج إلى الجواب ولكن قد يؤتى لها بجواب منصوب كما فيما نحن فيه وقيل هي لو الشرطية التي أشربت معنى التمني وقيل هي لو المصدرية أنيبت عن فعل التمني والمراد بالدخول في قوله فأدخل الجنة الدخول المقرون بالثواب إذ الدخول بدونه حاصل لأطفال المشركين عندهم كما تحققت قيل لو قال الجبائي
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344