الروية ممكنة لما كان طالبها عاتيا) أي مجاوزا للحد (مستكبرا) رافعا نفسه إلى مرتبة لا يليق بها (بل كان ذلك نازلا منزلة طلب سائر المعجزات) الآية (الثانية وإذا قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) أي عيانا (فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون) ولو أمكنت الرؤية لما عاقبهم بسؤالها في الحال * الآية (الثالثة يسئلك
أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم سمي) الله (ذلك) السؤال (ظلما وجازاهم به في الحال) بأخذ الصاعقة ولو جاز) كونه مرئيا (لكان سؤالهم) هذا (سؤالا لمعجزة زائدة) ولم يكن ظلما ولا سببا للعقاب (والجواب أن الاستعظام إنما كان لطلبهم الرؤية تعنتا وعنادا ولهذا استعظم إنزال الملائكة) في الآية الأولى (واستكبروا إنزال الكتاب) في الآية الثالثة (مع إمكانهما) بلا خلاف (ولو كان لأجل الامتناع لمنعهم موسى عن ذلك فعله) أي منعه (حين طلبوا) أمرا ممتنعا (وهو أن يجعل لهم إلها إذ قال بل أنتم قوم تجهلون ولم يقدم) موسى (على طلب الرؤية الممتنعة بقولهم) وطلبهم (وقد مر) هذا في المسلك النقلي من مسلكي صحة الرؤية (الثالثة) من تلك الشبه (قوله تعالى لموسى لن تراني ولن للتأبيد وإذا لم يره موسى) أبدا (لم يره غيره إجماعا والجواب
منع كون لن للتأبيد بل هو للنفي) المؤكد (في المستقبل فقط كقوله تعالى ولن يتمنوه) أي
الموت (أبدا و) لا شك أنهم (يتمنوه في الآخرة) للتخلص عن العقوبة (الرابعة) منها (قوله تعالى وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء) حصر تكليمه للبشر في الوحي إلى الرسل
____________________
كانت للوم على ترك الفعل وإذا وليت المستقبل كانت للحث (قوله وجازاهم به في الحال) أي عاقبهم بذلك الظلم وأجاب بعض شراح الكتاب عن هذه الشبهة الثانية بأن مقتضى هذه الآيات امتناع الرؤية في الدنيا ولا مزيد فيها عليه إذ لا يعلم منها عدم جواز الرؤية مطلقا ولا عدم الوقوع في الآخرة وهو محل البحث وفيه بحث لأنه إذا سلم دلالة الآيات على امتناع الرؤية في الدنيا ثبت مطلوبهم لأنها إذا امتنعت في الدنيا امتنعت في جميع الأوقات لأن امتناع الشئ حكم ثابت له إما لذاته أو لصفة لازمة له فلا يتصور زواله وطريان الإمكان (قوله لطلبهم الرؤية تعنتا وعنادا) وأيضا جاز أن يكون الاستعظام لطلبهم الرؤية في الدنيا وعلى طريق الجهة والمقابلة على ما عرفوا من حال الأجسام والأعراض (قوله كقوله تعالى ولن يتمنوه أبدا) لا يخفى أن نظم هذه الآية ظاهر في التأبيد ولما تحقق أنهم يتمنوه في الآخرة علم أن المراد التأبيد بالنسبة إلى أوقات الدنيا فمنع كون لن للتأبيد مطلقا والتنظير بهذه الآية محل تأمل اللهم إلا أن يقال التأبيد الممنوع دلالة لن عليه هو التأبيد بالنسبة إلى جميع الأوقات فتأمل (قوله أو يرسل رسولا)