فيقال هذا مقدور لأنه ممكن وذلك غير مقدور لأنه واجب أو ممتنع فإذن أثر القدرة هو الكون) أي كون المقدور وجوده لا صحته وإمكانه (فاستغنى عن) إثبات (صفة) أخرى (كذلك) أي يكون أثرها الكون (فإن قيل المراد بالصحة) التي جعلناها أثرا للقدرة هو (صحة الفعل) بمعنى التأثير والإيجاد من الفاعل (لا صحة المفعول في نفسه) وهذه الصحة هي إمكانه الذاتي الذي لا يمكن تعليله بغيره) وأما الصحة الأولى فهي بالقياس إلى الفاعل ومعللة بالقدرة (فإن القدرة هي الصفة التي باعتبارها يصح من الفاعل طرفا الفعل والترك) على سواء من الشئ المقدور له (فلا يحصل بها) منه (أحدهما بعينه) بل لا بد في حصوله من صفة أخرى متعلقة به أي بذلك الطرف وحده فتلك الصفة هي التكوين (قلنا كل منهما) أي من ذينك الطرفين (يصلح أثرا لها) أي للقدرة (وإنما يحتاج صدور أحدهما) بعينه عنها (إلى مخصص) بعينه (وهو الإرادة) المتعلقة بذلك الطرف (و) حينئذ (لا حاجة إلى مبدأ للكون غير القدرة) المؤثرة فيه بواسطة الإرادة المتعلقة به وقد ورد في حديث ليلة المعراج وضع كفه بين كنفي فوجدت بردها في كبدي ولا
يجوز إثبات الجارحة كما ذهبت إليه المشبهة فقيل هو موصوف بكف لا كالكفوف وقيل مؤول بالتدبير يقال فلان في كف فلان أي في تدبيره فالمقصود من الحديث بيان ألطافه في تدبيره له وبيان أنه وجد روح ألطافه لأن البرد يطلق على كل روح وراحة وطمأنينة وقد ورد في الأحاديث أنه تعالى ضحك حتى بدت نواجذه ويمتنع حمله على حقيقته فقيل هو ضحك لا كضحكنا وقيل مؤول بظهور تباشير الخير والنجح في كل أمر ومنه ضحكت الرياض إذا بدت أزهارها فمعنى ضحك ظهر تباشير الصبح والنجح منه وبدو النواجذ عبارة عن ظهور كنه ما كان متوقعا منه ومن كان له رسوخ قدم في علم البيان حمل أكثر ما ذكر من الآيات والأحاديث المتشابهة على التمثيل والتصوير
____________________
(قوله وحينئذ لا حاجة إلى مبدأ الخ) اعترض عليه بأن التكوين هو المعنى الذي نجده في الفاعل وبه يمتاز عن غيره ويرتبط بالمفعول وإن لم يوجد بعد وهذا المعنى يعم الموجب أيضا بل هو موجود في الواجب بالنسبة إلى نفس القدرة والإرادة فكيف لا يكون صفة أخرى وأجيب بأن الظاهر أن ارتباط الفاعل بالمفعول صلاحية تأثيره فيه والمعنى الذي يخص الفاعل مبدأ تلك الصلاحية وذلك المبدأ في الواجب بالنسبة إلى المحدثات نفس القدرة والإرادة بالنسبة إلى صفاته تعالى نفس ذاته الممتازة بذاتها عن سائر الذوات (قوله حتى بدت نواجذه) الناجذ أحد الأضراس وللإنسان أربعة نواجذ في أقصى الإنسان بعد الارحاء ويسمى ضرس الحلم لأنه ينبت بعد البلوغ وكمال العقل (قوله تباشير الصبح والنجح) النجح بمعنى النجاح وهو الظفر والفوز بالمقصود وتباشير الصبح أوائله