للرؤية أيضا (ثم) نقول (يمتنع حملها) أي حمل الرؤية المطلوبة (عليه) أي على العلم الضروري (ههنا أما أولا فلأنه يلزم أن لا يكون موسى عالما بربه ضرورة مع أنه يخاطبه وذلك لا يعقل) لأن المخاطب في حكم الحاضر
المشاهد وما هو معلوم بالنظر أوليس كذلك (وأما ثانيا فلأن الجواب ينبغي أن يطابق السؤل وقوله لن تراني نفي للرؤية) لا للعلم الضروري (بإجماع
المعتزلة) فلو حمل السؤال على طلب العلم لم يطابقا أصلا * (الثاني) من وجوه الاعتراض على الأول (أنه) لم يسئله إراءة ذاته بل (سأل أن يريه علما) وأمارة (من أعلامه) وأماراته (الدالة على الساعة) وتقدير الكلام أنظر إلى علمك (فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه) فقال أنظر إليك (نحو واسئل القرية) أي أهلها فتكون الرؤية المطلوبة متعلقة بالعلم أيضا والمعنى أرني علما من أعلامك أنظر إلى علمك (وهذا تأويل الكعبي والبغداديين والجواب أنه خلاف الظاهر) فلا يرتكب إلا لدليل (و) مع ذلك (لا يستقيم أما أولا فلقوله لن تراني) فإنه نفي لرؤيته تعالى لا لرؤية علم من أعلام الساعة بإجماعهم فلا يطابق الجواب السؤال حينئذ (وأما ثانيا فلأن تدكدك الجبل) الذي شاهده
موسى عليه السلام (من أعظم الأعلام) الدالة عليها (فلا يناسب قوله ولكن أنظر إلى الجبل المنع من رؤية الآية) أي العلامة الدالة على الساعة المستفاد من قوله لن تراني على هذا التأويل بل يناسب رؤيتها وأيضا قوله فإن استقر مكانه لا يلائم رؤيتها لأن الآية في تدكدك الجبل لا في استقراره * (الثالث)
____________________
بمستعمل في الموضوع له عند الشارح كما حققه في شرح المفتاح (قوله ضرورة مع أنه يخاطبه) أورد عليه أن المراد هو العلم بهويته الخاصة والخطاب لا يقتضي إلا العلم بوجه كمن يخاطبنا من وراء الجدار وأجيب بأن العلم بالهوية الخاصة بمعنى الانكشاف التام لا تكون إلا بالمشاهدة والعيان كما هو شأن جميع الجزئيات الحقيقية فيؤول إلى الرؤية وبمعنى العلم بكنه حقيقته الجزئيات أوليس بلازم للرؤية فلا يصح قولهم بل تجوز بها عن العلم الضروري لأنه لازمها نعم يراد أن يقال خطاب موسى عليه السلام إياه تعالى لا يفيد العلم به ضرورة إلا يرى أن تخاطبه تعالى مع أن وجوده تعالى ثابت عندنا بالبرهان لا بالضرورة وأما خطابه تعالى إياه فهو بمعنى خلق لفظ غير قائم به ودلالة لمخلوق على الخالق نظري اللهم إلا أن يقال سرعة الانتقال من الأثر إلى المؤثر يلحقه بالضروري فليتأمل (قوله بإجماع المعتزلة) لعله يريد إجماعهم قبل ظهور الزمخشري وإلا فقد قال هو في كشافه لن تراني أي لن تطيق معرفتي بهذه الطريقة (قوله من أعلامه الدالة على الساعة) وفي بعض النسخ من أعلامه الدالة على ذاته وهو المناسب لما في نهاية العقول وإن كان الظاهر من السياق والموافق للابكار هو الأولى (قوله وأيضا الخ) فيه بحث لأن المفهوم من الآية الكريمة على التوجيه المذكور أن استقرار الجبل أمارة إنه سيرى فيما يعد علامة دالة على ما ذكر لا أن نفس الاستقرار علامة له حتى لا يلائم فتأمل