شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١١٧
تراني والاحتجاج به من وجهين * الأول أن موسى) عليه السلام (سأل الرؤية ولو امتنع) كونه تعالى مرئيا (لما سأل لأنه حينئذ إما أن يعلم امتناعه أو يجهله فإن علمه فالعاقل لا يطلب المحال فإنه عبث وإن جهله فالجاهل بما لا يجوز على الله ويمتنع لا يكون نبيا كليما وقد وصفه الله تعالى بذلك في كتابه بل ينبغي أن لا يصلح للنبوة إذا المقصود من البعثة هو الدعوة إلى العقائد الحقة والأعمال الصالحة * (الثاني أنه) تعالى (علق الرؤية على استقرار الجبل واستقرار الجبل أمر ممكن في نفسه وما علق على الممكن فهو ممكن) إذ لو كان ممتنعا لأمكن صدق الملزوم بدون صدق اللازم (الاعتراض أما على الأول فمن وجوه) الأول أن موسى عليه السلام لم يسأل الرؤية بل تجوز بها عن العلم الضروري لأنه لازمها وإطلاق اسم الملزوم على اللازم شائع) سيما استعمال رأى بمعنى علم وأرى بمعنى أعلم فكأنه قال اجعلني عالما بك علما ضروريا (وهذا تأويل) أبي الهذيل (العلاف وتبعه) فيه (الجبائي وأكثر البصريين والجواب أن الرؤية وإن استعملت للعلم لكنها إذا وصلت بإلى فبعيد جدا) والصواب أن يقال لو كانت الرؤية المطلوبة في أرني بمعنى العلم لكان النظر المترتب عليه بمعناه أيضا والنظر وإن استعمل بمعنى العلم إلا أن استعماله فيه موصولا بإلى مستبعد مخالف للظاهر قطعا (ومخالفة الظاهر لا تجوز إلا لدليل) ولا دليل ههنا فوجب حمله على الرؤية بل على تقليب الحدقة نحو المرئي المؤدي إلى رؤيته فيكون الطلب
____________________
الرؤية عندهم هي التأثر المخصوص القوي الذي لا يوجد عند التغميض (قوله وإن جهله فالجاهل الخ) حاصله أن أن ثبوت الجهل يستلزم انتفاء النبوة والنبوة ثابتة فينتفي الجهل ويثبت العلم بالامتناع على تقدير تحققه ومعلوم الامتناع لا يسأله العاقل مع أن السؤال متحقق فتعين الإمكان (قوله وما علق على الممكن فهو ممكن) أورد عليه أنه يصح أن يقال أن انعدم المعلول انعدمت العلة والعلة قد يمتنع عدمه والسر فيه أن الارتباط بين الشرط والجزاء بحسب الوقوع لا الإمكان وذلك لأن إمكان الشئ ذاتي غير معلق على شئ وأجيب بأن انعدام العلة التامة على قاعدة الإسلام غير ممتنع إذ منها تعلق القدرة والإرادة يجوز انقطاعه وفيه أنه يشكل بالنسبة إلى الصفات وقد يجاب بأن المراد بالممكن المعلق عليه هو الذي في مرتبة الإمكان الصرف بحيث لا يشوبه امتناع لا من الذات ولا من الغير ولا شك في أن إمكان استقرار الجبل كذلك ولا كذلك انعدام المعلول فيما امتنع عدم علته وأما ما ذكر من السر فستعرف جوابه وفيه نظر لأن إرادة الله تعالى تعلقت بعدم استقراره عقيب النظر فاستحال استقراره لذلك وإن كانت استحالة بالعرض ويمكن أن يجاب عن أصل الاعتراض بمنع صحة ذلك القول لغة فتأمل (قوله بل على تقليب الحدقة) فإن قلت هذا أوليس كما ينبغي لأنه ممتنع بالنسبة إليه تعالى قلت مراده أن مقتضى اللفظ والتعدية بإلى الحمل على التقليب لكون النظر الموصول بإلى حقيقة فيه وأما امتناعه بالنسبة إليه تعالى فيندفع بجعل اللفظ كناية عن لازمه ومؤداه أعني الرؤية هذا غاية ما يقال وفيه نظر لأن اللفظ في الكناية أوليس
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344