الدين، فإن هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة على ممر الأوقات، ما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إلى الحق.
وهجر فلان الشرك هجرا، بالفتح: وهجرانا، بالكسر، وهجرة حسنة، بالكسر أيضا، حكاه الخطابي عن اللحياني.
والهجرة، بالكسر والضم: الخروج من أرض إلى أخرى، وقد هاجر. قال الأزهري: وأصل المهاجرة عند العرب: خروج البدوي من باديته إلى المدن، يقال: هاجر الرجل، إذا فعل ذلك، وكذلك كل مخل بمسكنه منتقل إلى قوم آخرين بسكناه ومساكنهم التي نشأوا بها لله، ولحقوا بدار ليس لهم بها أهل ولا مال حين هاجروا إلى المدينة: فكل من فارق بلده (1) من بدوي أو حضري، أو سكن (2) بلدا آخر، فهو مهاجر، والاسم منه الهجرة، قال الله عز وجل: (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة) (3) وكل من أقام من البوادي بمباديهم ومحاضرهم في القيظ ولم يلحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتحولوا إلى أمصار المسلمين التي أحدثت في الإسلام وإن كانوا مسلمين فهم عير مهاجرين، وليس لهم في الفيء نصيب، ويسمون الأعراب.
وفي البصائر للمصنف: والهجران يكون بالبدن وباللسان وبالقلب، وقوله تعالى: (واهجروهن في المضاجع) (4) أي بالأبدان، وقوله: (هذا القرآن مهجورا) (5) أي باللسان أو بالقلب وقوله: (واهجرهم هجرا جميلا) (6) محتمل للثلاثة، وقوله: (والرجز فاهجر) (7) حث على المفارقة بالوجوه كلها. والمهاجرة في الأصل مصارمة الغير ومتاركته. وفي قوله تعالى: (والذين هاجروا وجاهدوا) (8) الخروج من دار الكفر إلى دار الإيمان.
والهجرتان: هجرة إلى الحبشة وهجرة إلى المدينة، وهذا هو المراد من الهجرتين إذا أطلق ذكرهما، قاله ابن الأثير. والمهاجرة من أرض: ترك الأولى للثانية، وذو الهجرتين من الصحابة: من هاجر إليهما. وفي الحديث: " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية ". وفي حديث آخر: " لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ". انظر الجمع بينهما في النهاية.
والهجر، كفلز: المهاجرة إلى القرى، عن ثعلب وأنشد:
شمطاء جاءت من بلاد الحر قد تركت حيه وقالت حر ثم أمالت جانب الخمر عمدا على جانبها الأيسر تحسب أنا قرب الهجر ولقيته عن هجر (9) بالفتح، أي بعد حول ونحوه، وقيل: الهجر: السنة فصاعدا، أو بعد ستة أيام فصاعدا، أو بعد مغيب أيا كان، أنشد ابن الأعرابي لما أتاهم بعد طول هجره * يسعى غلام أهله ببشره وقال أبو زيد: لقيت فلانا عن عفر (10): بعد شهر ونحوه، وعن هجر: بعد الحول ونحوه. وعن أبي زيد: يقال للنخلة الطويلة: ذهبت الشجرة هجرا، أي طولا وعظما. ونخلة مهجر ومهجرة: طويلة عظيمة. وقال أبو حنيفة: هي المفرطة الطول والعظم، وهذا أهجر منه، أي أطول منه، أو أضخم، هكذا في النسخ، وهو نص التكملة. وفي بعض الأصول: وأعظم. وناقة مهجرة: فائقة في الشحم والسير. وفي التهذيب: في الشحم والسمن، وقيل: ناقة مهجرة، إذا وصفت بنجابة أو حسن.
والمهجر، كمحسن: النجيب الحسن الجميل يهجرون بذكره، أي يتناعتونه، يقال: بعير مهجر، من ذلك، قال الشاعر: