ضد الشكر، وقوله تعالى: (إنا بكل كافرون) (1) أي جاحدون. وفي البصائر للمصنف: وأعظم الكفر جحود الوحدانية أو النبوة أو الشريعة. والكافر متعارف مطلقا فيمن يجحد الجميع. والكفران في جحود النعمة أكثر استعمالا، والكفر في الدين، والكفور فيهما، ويقال فيهما: كفر [فهو كافر] (2)، قال تعالى في الكفرات: (ليبلوني أأشكر أم أكفر) (3) وقوله تعالى: (وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين) (4) أي تحريت كفران نعمتي. ولما كان الكفران جحود النعمة صار يستعمل في الجحود. (ولا تكونوا أول كافر به) (5) أي جاحد وساتر. وقد يقال: كفر، لمن أخل بالشريعة وترك ما لزمه من شكر الله تعالى عليه، قال تعالى: (من كفر فعليه كفره) (6) ويدل على ذلك مقابلته بقوله: (ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون) (7).
وكافره حقه، إذا جحده.
والمكفر، كمعظم: المجحود النعمة مع إحسانه.
ورجل كافر: جاحد لأنعم الله تعالى. قال الأزهري: ونعمه آياته الدالة على توحيده. والنعم التي سترها الكافر هي الآيات التي أبانت لذوي التمييز أن خالقها واحد لا شريك له، وكذلك إرساله الرسل بالآيات المعجزة والكتب المنزلة والبراهين الواضحة نعمة (8) منه ظاهرة، فمن لم يصدق به (9) وردها فقد كفر نعمة الله، أي سترها وحجبها عن نفسه، وقيل سمي الكافر كافرا لأنه مغطى على قلبه. قال ابن دريد: كأنه فاعل في معنى مفعول. جمع كفار، بالضم، وكفرة، محركة، وكفار ككتاب، مثل جائع وجياع ونائم ونيام. قال القطامي:
وشق البحر عن أصحاب موسى * وغرقت الفراعنة الكفار وفي البصائر: والكفار في جمع الكافر المضاد للمؤمن أكثر استعمالا، كقوله، (أشداء على الكفار) (10). والكفرة في جمع كافر النعمة أكثر استعمالا، كقوله: (أولئك هم الكفرة الفجرة) (11)، والفجرة قد يقال للفساق من المسلمين. وهي كافرة من نسوة كوافر، وفي حديث القنوت: " واجعل قلوبهم كقلوب نساء كوافر " يعني في التعادي والاختلاف، والنساء أضعف قلوبا من الرجال لا سيما إذا كن كوافر.
ورجل كفار، كشداد، وكفور، كصبور: كافر. وقيل: الكفور: المبالغ في كفران النعمة، قال تعالى: (إن الإنسان لكفور) (12) والكفار أبلغ من الكفور كقوله تعالى: (كل كفار عنيد) (13).
وقد أجري الكفار مجرى الكفور في قوله: (إن الإنسان لظلوم كفار) (14) كذا في البصائر. جمع كفر، بضمتين، والأنثى كفور أيضا، وجمعه أيضا كفر، ولا يجمع جمع السلامة، لأن الهاء لا تدخل في مؤنثه، إلا أنهم قد قالوا عدوة الله، وهو مذكور في موضعه. وقوله تعالى: (فأبى الظالمون إلا كفورا) (15) قال الأخفش: هو جمع الكفر، مثل: برد وبرود.
وكفر عليه يكفر، من حد ضرب: غطاه، وبه فسر الحديث: " إن الأوس والخزرج ذكروا ما كان منهم في الجاهلية فثار بعضهم إلى بعض بالسيوف، فأنزل الله تعالى: (وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله) (16) ولم يكن ذلك على الكفر بالله، ولكن على تغطيتهم ما كانوا عليه من الألفة والمودة. وقال الليث: يقال: إنه سمي الكافر كافرا لأن الكفر غطى قلبه كله. قال الأزهري: ومعنى قول الليث هذا يحتاج إلى بيان يدل عليه، وإيضاحه: أن الكفر في اللغة التغطية، والكافر ذو كفر، أي ذو تغطية لقلبه بكفره، كما يقال للابس السلاح كافر، وهو الذي غطاه السلاح، ومثله رجل كاس، أي ذو