والقدر: قياس الشيء بالشيء يقال: قدره به قدرا، وقدره، إذا قاسه. ويقال أيضا: قدرت لأمر كذا أقدر له، بهذا المعنى. ومنه حديث عائشة رضي الله عنها: فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن المشتهية (1) للنظر، أي قدروا وقايسوا وانظروه وأفكروا فيه.
والقدر: الوسط من الرحال والسروج يقال: رحل قدر، وسرج قدر؛ ذكره الزمخشري في الأساس. وزاد في اللسان: يخفف ويثقل. وفي عبارة المصنف قصور ظاهر. ولم يذكر أبو عبيدة في كتاب السرج واللجام إلا: سرج قاتر، وقد تقدم، وكأن الدال لغة في التاء. وفي التهذيب: سرج قادر: قاتر، وهو الواقي الذي لا يعقر. وقيل: هو بين الصغير والكبير.
والقدر: رأس الكتف.
والقدر، بالتحريك: قصر العنق، قدر، كفرح يقدر قدرا فهو أقدر: قصير العنق. وقيل: الأقدر: القصير من الرجال، وبه فسر قول صخر الغي يصف صائدا، ويذكر وعولا، وقد وردت لتشرب الماء:
أرى الأيام لا تبقى كريما * ولا الوحش الأوابد والنعاما ولا عصما أوابد في صخور * كسين على فراسنها خداما أتيح لها أقيدر ذو حشيف * إذا سامت على الملقات ساما (2) العصم: الوعول. والخدام (3): الخلخال، وأراد بها الخطوط السود التي في يديه. والأقيدر: أراد به الصائد. والحشيف: الثوب الخلق. وسامت: مرت ومضت. والملقات: جمع ملقة، وهي الصخرة الملساء.
وقال أبو عمرو: الأقدر: فرس إذا سار وقعت رجلاه مواقع يديه قال عدي بن خرشة الخطمي:
وأقدر مشرف الصهوات ساط * كميت لا أحق ولا شئيت (4) وقد قدرت، بالكسر، أو الأقدر: هو الذي يضع رجليه، وفي بعض النسخ: يديه وهو غلط، حيث ينبغي، وقال أبوعبيد: الأقدر: هو الذي يجاوز حافرا رجليه مواقع حافري يديه.
والشئيت: خلافه. والأحق: الذي يطبق حافرا رجليه حافري يديه. والقدر، بالكسر: م، معروفة أنثى، بلا هاء عند جميع العرب، وتصغيرها قديرة، وقدير، الأخيرة على غير قياس؛ قاله الأزهري (5) أو يذكر، ويؤنث. ومن قال بتذكيرها غره قول ثعلب. قال أبو منصور: وأما ما حكاه ثعلب من قول العرب: ما رأيت قدرا غلا أسرع منها فإنه ليس على تذكير القدر، ولكنهم أرادوا: ما رأيت شيئا غلا. قال: ونظيره قول الله تعالى: (لا يحل لك النساء من بعد) (6) قال ذكر الفعل لأن معناه معنى شيء، كأنه قال: لا يحل لك شيء من النساء. ولابن سيده هنا في المحكم كلام نفيس، فراجعه. قلت: وعلى قول من قال بالتذكير يؤول قول معاوية رضي الله عنه، فيما يروى عنه: غلا قدري، علا قدري كذا أورده بعض أئمة التصحيف.
ج قدور، لا يكسر على غير ذلك.
والقدير والقادر: ما يطبخ في القدر، هكذا في سائر النسخ. وفي اللسان: مرق مقدور وقدير أي مطبوخ. والقدير: ما يطبخ في القدر. وقال الليث: القدير: ما طبخ من اللحم بتوابل، فإن لم يكن ذا توابل فهو طبيخ. وما رأيت أحدا من الأئمة ذكر القادر بهذا المعنى. ثم إنني تنبهت بعد زمان أنه أخذه من عبارة الصاغاني: والقدير: القادر فوهم، فإنه إنما عنى به صفة الله تعالى لا بمعنى ما يطبخ في القدر، فتدبر. ويمكن أن يقال إن الصواب في عبارته: والقدير: القادر، وما يطبخ في القدر فيرتفع الوهم حينئذ، ويكون توسيط الواو بينهما من تحريف النساخ، فافهمه.