وأراد بأصحاب النحص قتلى أحد أو غيرهم (1) من الشهداء.
والغدرة، بالضم والكسر: ما أغدر من شئ، أي ترك وبقي، كالغدارة بالضم، قال الأفوه:
في مضر الحمراء لم يترك * غدارة غير النساء الجلوس وكذلك الغدرة والغدر، محركتين، يقال: على بني فلان غدرضة من الصدقة وغدر، أي بقية.
وجمع الغدر غدور، وج الغدرة، بالضم غدرات، بالضم أيضا. ونقل الصاغاني عن ابن السكيت: يثقال على فلان غدر من الصدقة، بالكسر مثال عنب، أي بقايا منها، الواحدة غدرة، وتجمع غدرات. قال الأعشى:
وأحمدت أن ألحقت بالأمس صرمة * لها غدرات واللواحق تلحق انتهى. وقال أبو منصور: واحدة الغدر غدرة، وتجمع غدرا وغدرات. وروى بيت الأعشى.
ففي كلام المصنف نظر من وجوه.
والغدر، كصرد القطعة من الماء يغادرها السيل، أي يتركها ويبقيها، كالغدير، هكذا في سائر الأصول المصححة. ولم أضجد أحدا من الأئمة ذكر الغدر بمعنى الغدير، مع كثرة مراجعة الأمهات اللغوية. ولم أزل أجيل قداح النظر في عبارة المصنف ومأخذها حتى فتح الله وجه الصواب فيها. وهو أنا قدمنا آنفا النقل عن ابن السكيت وعن أبي منصور، فجاء المصنف أخذ من عبارتيهما بطريق المزج على عادته، فأخل بالمقصود ولم يدل على المراد على الوجه المعهود. فالصواب في عبارته أن يقول: والغدرة، بالضم وكعنب: ما أغدر من شئ، كالغدارة بالضم، والغدرة والغدر - محركتين - جمعه غدرات، كعنبات، وبالضم وكصرد، فيكون الجمعان الأخيران للغدرة بالضم، أو الاقتصار على الجمع الأول كما اقتصر غيره، ثم يقول: والغدير: القطعة من الماء يغادرها السيل. هذا هو الصواب الذي تقتضيه نقول الأئمة في هذا المقام. ومن راجع التكملة واللسان زال عنه الإبهام، والله أعلم.
ثم قوله ج كصرد وتمران يدل على ما صوبناه ويبين ما أوردناه، فإن الغدير جمعه غدران وغدر كما ذكره على المشهور صحيح ثابت. فيقال: ما جمع غدر كصرد الذي أورده مفردا فيحتاج أن يقول غدران بالكسر كصردان، أو يقول إنه يستعمل هكذا مفردا وجمعا. وكل ذلك لم يصح ولم يثبت، فتأمل. ثم ثبت في الأصول المصححة من النهاية واللسان أن جمع الغدير غدر، بضمتين، كطريق وطرق، وسبيل وسبل، ونجيب ونجب، وهو القياس فيه، وقد يخفف أيضا بالتسكين. ففي قول المصنف كصرد نظر أيضا فتأمل.
وقوله في معنى الغدير: القطعة من الماء يغادرها السيل، قال ابن سيده: هو قول أبي عبيد، فهو إذا فعيل في معنى مفعول (2) على اطراح الزائد. وقد قيل: إنه من الغدر، لأنه يخون وراده فينضب عنهم، ويغدر بأهله فينقطع عند شدة الحاجة إليه. ويقوي ذلك قول الكميت:
ومن غدره نبز الأولون * بأن لقبوه الغدير الغديرا أراد: من غدره نبز الأولون الغدير بأن لقبوه الغدير، فالغدير الأول مفعول نبز، والثاني مفعول لقبوه. وقال اللحياني: الغدير اسم، ولا يقال هذا ماء غدير. وقال الليث: الغدير: مستنقع الماء ماء المطر، صغيرا كان أو كبيرا، غير أنه لا يبقى إلى القيظ إلا ما يتخذه الناس من عد أو وجذ (3) أو وقط أو صهريج أو حائر. قال أبو منصور: العد: الماء الدائم الذي لا انقطاع له، ولا يسمى الماء الذي يجمع في غدير أو صهريج أو صنع عدا، لأن العد ما يدوم مثل ماء العين والركية.
واستغدر المكان: صارت فيه غدران، فالسين هنا للصيرورة. ومن سجعات الأساس: استغزرت الذهاب واستغدرت اللهاب. قال: الذهبة: مطرة شديدة سريعة الذهاب. واللهب: مهواة ما بين الجبلين. وفي الحديث