وقال أبو الهيثم - في تفسير هذه الآية قال -: معناه المعتذرون، يقال: عذر يعذر عذارا، في معنى اعتذر، ويجوز عذر الرجل يعذر فهو معذر، واللغة الأولى أجودهما، قال: ومثله هدي يهدى هداء، إذا اهتدى [وهدى يهدى] (1) قال الله عزو جل: (أمن لا يهدى إلا أن يهدى) (2).
قال الأزهري: وقد يكون المعذر بالتشديد غير محق، وهم الذين يعتذرون بلا عذر.
فالمعنى: المقصرون بغير عذر، فهو على جهة المفعل، لأنه الممرض، والمقصر يعتذر بغير عذر.
وقرأها ابن عباس، رضي الله عنهما " المعذرون " بالتخفيف، قال الأزهري: وقرأها كذلك يعقوب الحضرمي وحده، من أعذر يعذر إعذارا، وكان يقول: والله لهكذا وفي اللسان: لكذا أنزلت، وكان يقول: لعن الله المعذرين، بالتشديد، قال الأزهري كأن المعذر عنده إنما هو غير المحق، وهو المظهر للعذر اعتلالا من غير حقيقة له في العذر، وبالتخفيف من له عذر.
وقال محمد بن سلام الجمحي: سألت يونس عن قوله وجاء المعذرون فقلت له: المعذرون مخففة، كأنها أقيس، لأن المعذر: الذي له عذر، والمعذر: الذي يعتذر ولا عذر له، فقال يونس: قال أبو عمرو بن العلاء: كلا الفريقين كان مسيئا، جاء قوم فعذروا، وجلح آخرون فقعدوا.
* ومما يستدرك عليه:
أعذر فلان، أي كان منه ما يعذر به.
وأعذر إعذارا، بمعنى اعتذر اععتذارا يعذر به، وصار ذا عذر [منه] (3)، ومنه قول لبيد يخاطب بنيته ويقول: إذا مت فنوحا وابكيا على حولا:
فقوما فقولا بالذي قد علمتما * ولا تخمشا وجها ولا تحلقا الشعر وقولا هو المرء الذي لا خليله * أضاع ولا خان الصديق ولا غدر إلى الحول ثم اسم السلام عليكما * ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر أي أتى بعذر، فجعل الاعتذار بمعنى الإعذار، والمعتذر يكون محقا، ويكون غير محق.
قال الفراء: اعتذر الرجل، إذا أتى بعذر، واعتذر: إذا لم يأت بعذر.
وعذره: قبل عذره.
واعتذر من ذنبه، وتعذر: تنصل قال أبو ذؤيب:
فإنك منها والتعذر بعدما * لججت وشطت من فطيمة دارها.
والتعذير: التقصير، يقال: قام فلان قيام تعذير فيما استكفيته، إذا لم يبالغ وقصرفيما اعتمد عليه، وفي الحديث " إن بني إسرائيل كانوا إذا عمل فيهم بالمعاصي نهاهم أحبارهم تعذيرا، فعمهم الله بالعقاب " وذلك إذ لم يبالغوا في نهيهم عن المعاصي وداهنوهم ولم ينكروا أعمالهم بالمعاصي حق الإنكار، أي نهوهم نهيا قصروا فيه ولم يبالغوا، وضع المصدر موضع اسم الفاعل حالا، كقولهم جاء مشيا، ومنه حيث الدعاء " وتعاطي ما نهيت عنه تعذيرا ".
وقال أبو زيد: سمعت أعرابيين: تميميا، وقيسيا، يقولان: تعذرت إلى الرجل تعذرا، في معنى اعتذرت اعتذارا، قال الأحوص بن محمد الأنصاري:
طريد تلافاه يزيد برحمة * فلم يلف من نعمائه يتعذر أي يعتذر، يقول: أنعم عليه نعمة لم يحتج إلى أن يعتذر منها، ويجوز أن يكون معنى قوله: يتعذر أي يذهب عنها.
وعذرته من فلان، أي لمت فلانا ولم ألمه.
وعذيرك إياي منه، أي هلم معذرتك إياي.