واعتبر فلان كذا. وقيل: أخذ هذا كله من العبر، وهو جانب النهر، وهما عبران (1)، لأن عابر الرؤيا يتأمل ناحيتي الرؤيا، فيتفكر في أطرافها، ويتدبر كل شيء منها، ويمضي بفكره فيها من أول ما رأى النائم إلى آخر ما رأى.
وروى عن أبي رزين العقيلي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول " الرؤيا على رجل طائر، فإذا عبرت وقعت، فلا تقصها إلا على واد، أو ذي رأي "، لأن الواد لا يحب أن يستقبلك في تفسيرها إلا بما تحب، وإن لم يكن عالما بالعبارة لم يعجل لك بما يغمك، لأن تعبيره يزيلها عما جعلها الله عليه، وأما ذو الرأي فمعناه ذو العلم بعبارتها، فهو يخبرك بحقيقة تفسيرها، أو بأقرب ما يعلمه منها، ولعله أن يكون في تفسيرها موعظة تردعك عن قبيح أنت عليه، أو يكون فيها بشرى فتحمد الله تعالى على النعمة فيها. وفي حديث " الرؤيا لأول عابر " وفي الحديث " للرؤيا كنى وأسماء، فكنوها بكناها واعتبروها بأسمائها ".
وفي حديث ابن سيرين كان يقول: " إني أعتبر الحديث " أي (2) أعبر الرؤيا بالحديث وأعتبر به، كما أعتبرها بالقرآن في تلأويليها، مثل أن يعبر الغراب بالرجل الفاسق، والضلع بالمرأة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمي الغراب فاسقا، وجعل المرأة كالضلع، ونحو ذلك من الكنى والأسماء.
واستعبره إياها: سأله عبرها وتفسيرها.
وعبر عما في نفسه تعبيرا: أعرب بين.
وعبر عنه غيره: عيى فأعرب عنه وتكلم، واللسان يعبر عما في الضمير.
والاسم منه العبرة، بالفتح، كذا هو مضبوط في بعض النسخ، وفي بعضها بالكسر، والعبارة بكسر العين وفتحها.
وعبر الوادي، بالكسر ويفتح عن كراع: شاطئه وناحيته، وهما عبران، قال النابغة الذبياني يمدح النعمان:
وما الفرات إذا جاشت غواربه * ترمي أو اذيه العبرينش بالزبد يوما بأطيب منه سيب نافلة * ولا يحول عطاء اليوم دون غد وعبره، أي النهر والوادي، وكذلك الطريق، عبرا، بالفتح، وعبورا، بالضم: قطعه من عبره إلى عبره، ويقال: فلان في ذلك العبر، أي في ذلك الجانب.
ومن المجاز عبر القوم: ماتوا، وهو عابر، كأنه عبر سبيل الحياة، وفي البصائر للمصنف: كأنه عبر قنطرة الدنيا، قال الشاعر:
فإن تعبر فإن لنا لمات * وإن نغبر فنحن على نذور يقول: إن متنا فلنا أقران، وإن بقينا فنحن ننتظر ما لابد منه، كأن لنا في إتيانه نذرا.
وعبر السبيل يعبرها عبورا: شقها، ورجل عابر سبيل، أي مار الطريق، وهم عابرو سبيل، وعبار سبيل.
وقوله تعالى: (ولا جنبا إلا عابري سبيل) (4) قيل: معناه أن تكون له حاجة في المسجد وبيته بالبعد، فيدخل المسجد، ويخرج مسرعا، وقال الأزهري: إلا مسافرين، لأن المسافر [قد] (5) يعوزه الماء، وقيل: إلا مارين في المسجد غير مريدين للصلاة.
وعبر به الماء عبرا وعبره به تعبيرا: جاز، عن اللحياني.
وعبر الكتاب يعبره عبرا بالفتح: تدبره في نفسه ولم يرفع صوته بقراءته.
وعبر المتاع والدراهم يعبرها عبرا: نظر: كم وزنها؟ وما هي؟.
وقال اللحياني: عبر الكبش يعبره عبرا: ترك صوفه عليه سنة وأكبش عبر، بضم فسكون، إذا ترك صوفها عليها، قال الأزهري: ولا أدري كيف هذا الجمع؟