وكفر به والمسجد الحرام): إن المسجد عطف على سبيل الله، وإنه حينئذ من جملة معمول المصدر، وقد عطف (كفر) على المصدر قبل مجيئه.
والصواب أن الظروف الثلاثة متعلقة بمحذوف، أي مقتكم إذ تدعون، وصوموا أياما، ويرجعه يوم تبلى السرائر، ولا ينتصب يوم بقادر، لان قدرته تعالى لا تتقيد بذلك اليوم ولا بغيره، ونظيره في التعلق بمحذوف (يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين) ألا ترى أن اليوم لو علق ببشرى لم يصح من وجهين: أنه مصدر، وأنه اسم للا، وأما (ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم) فعلى الخلاف في جواز تقدم منصوب ليس عليها.
والصواب أن خفض (المسجد) بباء محذوفة لدلالة ما قبلها عليها، لا بالعطف، ومجموع الجار والمجرور عطف على (به)، ولا يكون خفض المسجد بالعطف على الهاء، لأنه لا يعطف على الضمير المخفوض إلا بإعادة الخافض.
ومن أمثلة ذلك قول المتنبي:
784 - وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه * بأن تسعدا والدمع أشفاه ساجمه وقد سأل أبو الفتح المتنبي عنه، فأعرب " وفاؤكما كالربع " مبتدأ وخبره، وعلق الباء بوفاؤكما، فقال له: كيف تخبر عن اسم لم يتم؟ فأنشده قول الشاعر:
785 - لسنا كمن جعلت إياد دارها * تكريت تمنع حبها أن يحصدا أي أن " إياد " بدل من من قبل مجئ معمول جعلت وهو دارها، والصواب تعليق دارها وبأن تسعدا بمحذوف، أي جعلت ووفيتما، ومعنى البيت وفاؤكما