السادس عشر: قول ابن السيد في قوله تعالى (من استطاع إليه سبيلا) إن (من) فاعل بالمصدر، ويرده أن المعنى حينئذ ولله على الناس أن يحج المستطيع، فيلزم تأثيم جميع الناس إذا تخلف مستطيع عن الحج، وفيه مع فساد المعنى ضعف من جهة الصناعة، لان الاتيان بالفاعل بعد إضافة المصدر إلى المفعول شاذ، حتى قيل: إنه ضرورة كقوله:
781 - أفنى تلادي وما جمعت من نشب * قرع القواقيز أفواه الأباريق فيمن رواه برفع أفواه، والحق جواز ذلك في النثر، إلا أنه قليل، ودليل الجواز هذا البيت، فإنه روى بالرفع مع التمكن من النصب وهي الرواية الأخرى، وذلك على أن القواقيز الفاعل، والأفواه مفعول، وصح الوجهان لان كلا منهما قارع ومقروع، ومن مجيئه في النثر الحديث " وحج البيت من استطاع إليه سبيلا " ولا يتأتى فيه ذلك الاشكال، لأنه ليس فيه ذكر الوجوب على الناس، والمشهور في (من) في الآية أنها بدل من الناس بدل بعض، وجوز الكسائي كونها مبتدأ، فإن كانت موصولة فخبرها محذوف، أو شرطية فالمحذوف جوابها، والتقدير عليهما: من استطاع فليحج، وعليهن فالعموم مخصص إما بالبدل أو بالجملة.
السابع عشر: قول الزمخشري في قوله تعالى (يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي) إن انتصاب (أوارى) في جواب الاستفهام، ووجه فساده أن جواب الشئ مسبب عنه، والمواراة لا تتسبب عن العجز وإنما انتصابه بالعطف على (أكون) ومن هنا امتنع نصب (تصبح) في قوله تعالى (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة) لان إصباح الأرض مخضرة لا يتسبب عن رؤية إنزال المطر، بل عن الانزال نفسه، وقيل: إنما لم ينصب