الثالث - ما ذكره بقوله: (مع أنه يمكن أن يقال: إن عموم ما دل من الأخبار الكثيرة على تقييد الأرض المعدودة من الأنفال بكونها مما لا يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وعلى أن ما أخذت بالسيف من الأرضين بصرف حاصلها في مصالح المسلمين، معارض بالعموم من وجه لمرسلة الوراق، فيرجع إلى عموم قوله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى..) الآية، فيكون الباقي للمسلمين إذ ليس لمن قاتل شئ من الأرضين نصا واجماعا) انتهى (1).
وملخص كلامه وخلاصة مرامه: كون المعارضة بين المرسلة وبين الأخبار من تعارض العامين من وجه، لكون المرسلة موردها مطلق الغنيمة الشاملة للأراضي وغيرها، وتلك الأخبار، وإن اختصت بالأراضي إلا أنها مطلقة من حيث اعتبار الإذن، وعدمه. وبعد التعارض فليرجع إلى عموم الآية، الدالة على كون الخمس منها للإمام، وحينئذ، فالباقي من الأراضي إما أن يكون لخصوص المقاتلة - ولا قائل به فتعين كونه للمسلمين.
وفيه: إن المدعى هو وقوع الفتح عن إذنهم، كما هو صريح كلامه قبل تعداد الوجوه التي أقامها عليه، وهو لا يثبت بما ذكره من الوجه الأخير لأن الثابت به - على تقدير تماميته - هو كونها للمسلمين، وهو أعم من تحقق الإذن المعتبر، أو عدم اعتباره من أصله، والعام لا يدل على خصوص الخاص وإن فرض اعراضه عن الدعوى المزبورة ورجوعه إلى أصل المسألة من اعتبار الإذن وعدمه، فنمنع الرجوع إلى عموم الآية بمجرد معارضة الأخبار بالعموم من وجه، للمرسلة المنجبرة المرجحة بالمرجحات الكثيرة الموجبة لتقييد غيرها من عمومات الأخبار، بل وعموم
____________________
(1) المصدر نفسه بعد تلك الجملة.